الجمعة، 16 أكتوبر 2020

تونس: الشعب في مواجهة الموت الدّاهم

    تزداد في تونس، يوما بعد يوم، أعداد المصابين والمصابات بفيروس كورونا، ويواكب هذه الزّيادة ارتفاع في أعداد الوفيات التي يتمّ تسجيلها يوميّا. ويعود هذا التطوّر في الأرقام إلى السياسة التي اعتمدتها ومازالت تعتمدها السلطات التونسية في مواجهة هذا الفيروس والتي أطلقت عليها تسمية "التعايش مع الوباء" معلنة بذلك الانسحاب من ميدان محاربة الوباء القاتل مكتفية بالدّعوة إلى تطبيق مجموعة من البروتوكولات الصحية التي أعدّتها في عدد من القطاعات حسب خصوصيّة كلّ قطاع مع أنّها تفتصر في مجملها على مجموعة من الإجراءات كارتداء الكمامة والتعقيم والغسل بالماء والصابون والتباعد الجسدي أو الاجتماعي. وقد أكّدت هذه البروتوكولات فشلها في مجابهة الوباء، بل إنّ نسق تفشّيه بين السكّان يزداد سرعة وهو ما يثبت انّ هذه السياسة المعتمدة في هذه المرحلة قد فشلت. وعوض أن تعترف السلطات المسؤولة بمسؤوليتها وبفشل سياستها التي تعني في حقيقة الأمر ترك السّاحة للوباء كي يفتك بالشعب، عوض ذلك وبدل تغيير هذه السياسة وإقرار الحجر الصحي الشامل، دعت السلطة إلى التطبيق "الصّارم" لبروتوكولاتها الصحيّة، كما جاء في كلمة رئيس الحكومة الذي لاك من جديد عبارات ارتداء الكمامة والتعقيم والماء والصّابون وتوعّد بمعاقبة من لا يطبّقها، ولكن هل نجحت هذه الصّرامة في منع انتشار الوباء أو في تراجع نسق تفشّيه ؟

 لقد زاد الوباء في سرعة تفشّيه وأصبحت حصيلته ثقيلة في الأيّام الأخيرة ومباشرة بعد كلمة رئيس الحكومة التي أثارت امتعاض وسخرية الشعب، فتجاوزت نسبة المصابين والمصابات بالفيروس 35% من مجموع التحاليل التي يتمّ القيام بها يوميّا وتجاوزت أعداد الوفيات يوميّا العشرين وبلغت معدّل قتيل في كلّ ساعة. ورغم ذلك، لا زالت السلطة تتمسّك بمواصلة تطبيق سياستها الفاشلة القاتلة وتصرّ بالمقابل على تجاهل الحلّ الأنسب والذي أصبح مطلبا شعبيّا وهو تنفيذ الحجر الصحي الشامل لمدّة معيّنة لانّه وحده الكفيل بمحاصرة الوباء والتقليص من ضحاياه.

   ورغم اعترافها بخطورة الوضع ودقّته إلاّ أنّ هذه السلطة تزعم مكابرة أنّ الوضع مازال تحت السّيطرة وهي اكثر من يعرف أنّ الوضع أصبح فعلا تحت سيطرة الوبـاء وليس تحت سيطرتها بعد أن أصبحت غير قادرة على معرفة المرضى من غيرهم وبعد أن أصبح عدد من المصابين لا يتمّ التفطّن إلى إصابتهم إلاّ بعد موتهم، وبعد ان أصبحت المدارس والمعاهد والكليّات والمعامل والمستشفيات ووسائل النّقل العموميّ مرتعا لهذا الوباء، وقد صرّح أحد المندوبين الجهويّين للصحّة أنّ عدد المصابين في جهته يتجاوز العدد المعلن عنه رسميّا بـ 10 أضعاف أو 15 ضعفا.

  لقد تخلّت الدّولة بسياستها هذه المقتصرة على "البروتوكولات الصحيّة" أمام عدم إمكانيّة الإيفاء بالحدّ الادنى من مستلزمات تطبيقها، الشعب في مواجهة خطر المـوت الدّاهم وهي تدرك أنّها غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة للمصابين نظرا للتّدمير الممنهج للمنظومة الصحيّة العموميّة وتدفعه من جهة أخرى إلى أن يكون ضحيّة نهب أصحاب المصحّات الخاصّة وتحيّلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق