تصرخ فينا خديجة
تسأل عنّي وتسأل عنك
ثمّ تبسط كفّيها خارطة
وتمدّ ضفائر شعرها سكّة
أمام قطار مكتظّ بملايين البشر
يسير من نواق الشط إلى عكّا..
قد يصل بعد عام أو قرن أو لا يصل
وتظلّ تصرخ دعك منهم دعك
فطريقهم غريقهم
وحريقهم آت لا شكّ
***
تصرخُ تصرخُ تصرخْ
ملْءَ الغرب، ملء الشرقِ
ملْءَ الأرض البحر الأفقِ
تصرخ.. والصّوت يتعالى
كبركان غدَا يثورُ
ثمّ يغورُ.. في شرياني غضبا
فيعرّيني ويحرق ورقي..
وخديجة لا زالت تصرخ ملء الأرض :
"زرعوا شوكا في عينيّ
ربطوا حبلا حول عنقي
أطلقوا اسما مستعارا
اسما عـــارًا
وما تنبّهوا للنّار.. تصعد من حلقي"
***
في اليوم التالي من آذار
فتح الأب صندوق الأسرار
صندوقا خشبيّا صغيرا
وكان الطّقس...
قتلٌ وعصيان ونار
عثر على ديوان شعر غزليّ
بداخله وردة ذابلة
وعلى غلافه الخلفيّ وصيّة
حبّرت فيها خديجة هذه الكلمات:
"الآن أصبحت تدري
أنّ لا أرض لكَ
لا وطن لكَ
ولا حريّة
وحتّى أنا ما عدت لكَ
فلا تعشق من بعدي سوى البندقيّة !"
تونس،
28 مارس 2021
خديجة، فتاة فلسطينيّة من قرية سخنين، قتلها عساكر الاحتلال الصّهيوني صبيحة 30 مارس 1976.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق