لم يجمع البرلمان المغلق منذ مساء 25 جويلية 2021 بين جدرانه نوابّا للشعب وقد قلنا قبل كلّ انتخابات أنّ أغلب من سيدخلون ذلك القصر (قصر باردو) هم من سيفوزون بفضل المال والإعلام الفاسديْن وبفضل التجارة بالدّين وبغيرها.. ورغم ذلك يصرّ العديد على تسميته "مجلس نواب الشعب" غير قابلين الجدل حول تلك الانتخابات التي هرولوا إليها معتبرينها اختزالا للديمقراطية الفعلية مصبغين عليها سمات الشفافية والنزاهة حتّى كادوا يغطّونها برداء القداسة السياسيّة التي يُحرّم التشكيك فيها ومقاطعتها..
لم يكن ذلك المجلس سوى حديقة لعديد من النّوائب التي ألقيت على رؤوس الطبقات المفقّرة التي لم تقف غالبيتها العظمى في صفوف أمام الصناديق أيام كرنفالات الديمقراطية المغشوشة.. وظلّت هذه النّوائب تكدّس الأموال بألف طريقة وطريقة وتستولي على الأراضي وتقتني القصور والفيلات والسيارات الفاخرة... من خلال سرقتها للقمة الفقراء الذين ازداد تفقيرهم من قبل أولئك النواب الذين ما فتئوا يتكلّمون باسم الشعب ومثلما كان الدين سلعة متداولة يمينا ويسارا صار الشعب وقضاياه أيضا أصلا تجاريّا استولى عليه أولئك وصاروا يعرضونه أينما حلّوا متمتّعين بحصانة قضائيّة شرّعوها لأنفسهم من خلال دستور سنّوا فصوله على مقاسهم ليكونوا أعلى من قوانينهم وخارج دائرة المحاسبة من أيّ كان.
هؤلاء النوّاب لم يكونوا سوى نوائب ألقت بها القوى الاستعمارية العالمية والرّجعيات الإقليمية على هذه الأرض لتتنافس من أجل بيع الوطن واضطهاد الطّبقات الشعبيّة الكادحة واستغلالها عكس ما أرادوا تصويره لنا... وها أنّ أرصدة وممتلكات بعض أولئك النّواب التي بدأت تتكشّف تؤكّد أنّ ذلك المجلس لم يكن يضمّ نوابا وإنّما نوائب !
إنّ الثوريين، والكادحين خصوصا، نبّهوا، منذ الوهلة الأولى، ودائما، إلى تلك الأوهام التي حرفت بها القوى الاستعمارية والرجعية والأطراف الانتهازيّة انتفاضة الجماهير الشعبيّة عن مساراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسيّة وحوّلتها إلى مطالب سياسويّة وحقوقيّة، وقاطعوا تلك الهيئات التي شُكّلت تحت مسمّيات عديدة والكرنفالات الانتخابيّة مؤكّدين أنّها لن تؤدّي إلاّ إلى مزيد التفريط في الوطن ومزيد الاضطهاد لجماهير الشعب الكادحة ومزيد تخريب البلاد وتدميرها.. وهذا ما حصل.. ولم نكن يوما على وهم.
الجمعة، 3 سبتمبر 2021
نـــوّاب أم نــــوائب ؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق