يُحيي الشيوعيون في العالم يوم التاسع من سبتمبر من كلّ عام ذكرى رحيل القائد البروليتاري العظيم ماوتسي تونغ الذي ارتبط اسمه بالحزب الشيوعي الصيني والثورة الصينية وبناء الاشتراكية في الصين ومقاومة التحريفيّة داخل الحركة الشيوعية العالمية والثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. ولم يكن ليرتبط اسم ماوتسي تونغ بكلّ هذا لولا التطوير الخلاّق الذي قام به للماركسيّة اللينينيّة بمختلف مكوّناتها حتّى ارتقت بفضل ذلك إلى الماركسيّة اللينينيّة الماويّة.
في حقـــل الفلســفة
1- أكّد ماوتسي تونغ أنّ قانون التناقض هو القانون الجوهري للماديّة الجدلية في الطبيعة والمجتمع والمعرفة. وقد حلّل بعمق قانون التناقض موضّحا الفرق بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانويّة في كل مرحلة خاصة من تطوّر سيرورة ما كاشفا التحوّلات بين طرفي كلّ تناقض وأشكال حلّ التناقضات.
2- طوّر ماوتسي تونغ النظرية المادية الجدلية للمعرفة وعمّقها دارسا بعمق القفزة من الممارسة العمليّة إلى النظرية ثم القفزة من النظرية إلى الممارسة العمليّة مشدّدا على الممارسة العمليّة باعتبارها المظهر الرئيسي للمعرفة.
3- ناضل ضد الفهم الميتافيزيقي والميكانيكي للعلاقة بين البنية التحتية والبنية الفوقية. لقد قال إنه وإن كانت البنية التحتية تؤثر في البنية الفوقية وتحدّد طبيعتها وهذا هو المظهر الرئيسي فإن البنية الفوقية تؤثّر هي أيضا في البنية التحتية وأحيانا تحدّد طبيعتها. وانطلاقا من هذا، طوّر وجهة نظر لينين أن "السياسة تعبير مركّز للاقتصاد" ووضع بذلك الوعي الثوري في موقعه من العلاقة بينه وبين التحويل الثوري للعالم مطوّرا شعار لينين "لا حركة ثورية دون نظرية ثورية".
4- توصّل ماوتسي تونغ إلى تبليغ الفلسفة إلى أوسع الجماهير، فأخرج بذلك الفلسفة من الكتب والمكتبات وحرّرها من احتكار الفلاسفة و حوّلها إلى قوّة مادية نشيطة.
في حقل الاقتصــاد السّيــاسي
1- طوّر ماوتسي تونغ الاقتصاد السياسي للاشتراكية من خلال إنجاز البناء الاشتراكي في الصين ناقدا بعض خصائص الاقتصاد السوفياتي في بناء الاشتراكية. وركّز على تحريك مبادرة الجماهير على قاعدة خطّ صحيح ودفع الإنتاج ونشر السياسة الاقتصادية في صفوف الشعب وليس عبر الأوامر البيروقراطية وركّز العلاقة بين الثورة وتطوير الإنتاج وصاغ الشعار الشهير " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج".
2- صاغ ماو "الديمقراطية الجديدة" القائمة على القضاء على الإقطاعية بتطبيق سياسة "الأرض لمن يفلحها" وانتزاع ملكية كل المؤسسات الاقتصادية الأجنبية والوطنية ذات "الطبيعة الاحتكارية" وقيادة رأس المال الخاص و مراقبته و تحديده حتى "لا يسيطر على وسائل معيشة الشعب".
3- حدّد طبيعة الرأسمال البيروقراطي باعتباره رأس مال تغرسه الإمبريالية في المستعمرات وأشباهها لتكريس هيمنتها ومن الضّروري نزع ملكيتها للإطاحة بهيمنة الإمبريالية و لإرساء البناء الاشتراكي.
و تمّت هذه التطويرات خلال السيرورة الطويلة للثورة الديمقراطية الجديدة في الصين منذ تركيز أوّل قاعدة ارتكاز ثورية سنة 1927 إلى الثورة الاشتراكية ومثّلت أرضية البناء الاشتراكي في الصين.
في حقل الاشتراكيّــة العلميّــة
1- صاغ ماوتسي تونغ استراتيجيا الثورة البروليتارية العالمية في ظلّ الهيمنة الامبريالية في المستعمرات وأشباه المستعمرات مطلقا عليها اسم "ثورة الديمقراطية الجديدة" باعتبارها ثورة ديمقراطية من الطّراز الجديد يقودها الحزب الشيوعي لتركيز ديمقراطية شعبية تتّجه نحو تركيز الاشتراكيّة. وتعتمد ثورة الديمقراطية الجديدة على قيادة الحزب الشيوعي لنضالات الطبقات الشعبية المناهضة للإمبريالية وللإقطاع وعلى جبهة وطنية موحدة وعلى جيش التحرير الشعبي.
2- عبّد ماو طريق الثّورة الوطنية الديمقراطية (الديمقراطية الجديدة) عبر نظرية حرب الشعب. وهي ليست مجرّد استراتيجيا عسكرية وإنّما هي تعبير عن العنف البروليتاري الثوري في أتون الصراع الطبقي لقيادة الثورة إلى الانتصار وفقا لمقولته "السّلطة السياسيّة تنبع من فوهة البندقية".
3- طوّر نظرية الصّراع الطبقي في مختلف تمظهراتها الاقتصادية والاجتماعيّة والسياسية والإيديولوجية، فأغناها بنظرية استمرار الصراع الطبقي على طول مرحلة بناء الاشتراكية والسير إلى الشيوعية.
وقد أكّـد أنّ الصراع بين البروليتاريا والبرجوازية في ظلّ الاشتراكية معقّد وطويل جدا مؤكّدا أنّ هذا الصّراع سيتواصل في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ما دامت هذه المرحـلة تقوم على استمرار وجود الطّبقات وبالتّالي استمرار الصّراع الطّبقي خلال هذه المرحلـة وانّ هذا الصّراع لن يمّحي إلاّ ببلوغ المرحلة الشيوعيّة. وصاغ منهج النضال ضد إعادة تركيز الرأسمالية في المجتمع الاشتراكي وقاد لأجل ذلك الصّراع ضدّ التحريفيّة السوفياتية وأعلن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وقادها من أجل منع عودة البرجوازية إلى الحكم.
وقدّم ماوتسي تونغ بذلك مساهمة عظيمة في تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية ورفع النظرية الماركسية حول الطبقات والصراع الطبقي إلى مستوى جديد وأرقى تماما.
4- أقرّ ماوتسي تونغ بوجود الصّراع بين الخطّين داخل الحزب الشيوعي، واعتبر ذلك انعكاسا للصّراع الطّبقي داخل المجتمع لأنّ الحزب يتأثّر بالواقع الموضوعي وتناقضاته، ويقول ماو بهذا الخصوص: "إنّ الصراع بين الخطين في صلب الحزب سيتواصل مدة طويلة أيضا باعتباره انعكاسا لهذه التناقضات، إنّه سيحصل أيضا عشرة مرات، عشرون مرة، ثلاثون مرة وسيظهر عديد من لين بياو... إنّه أمر لا يخضع لمشيئة الإنسان". والخطّان المتصارعان هنا هما الخطّ الثوري أي الماركسي اللينيني من جهة والخط الانتهازي التحريفي من الجهة المقابلة. وقد نبّه ماو إلى خطر الخط الانتهازي وخاض صراعا دائما ضدّ العناصر المعادية للثّورة وللبناء الاشتراكي في صلب الحزب الشيوعي من أجل تطهيره ومواصلة الثورة قدما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق