بقلم نزار بكّاري
الجمعة 24 ديسمبر 2010 بدأ كيوم عادي (سبقته احتجاجات يومية مسيرات ومواجهات ليلية مع بوليس بن علي حيث تم حرق المعتمدية قبل ليلتين... وكنت مشاركا في التحركات منذ بدايتها بحكم انني احيانا اقضي اسبوعا كاملا في منزل بوزيان صحبة رمزي سليماني)...
في حدود التاسعة صباحا افقت متثاقلا كعادتي... اكلت ما تيسر من بيض وكسرة وزيت ثم لبست ثيابا تقيني برد الشتاء والتحقت بالحقل حيث أمي رحمها الله وأختي تجنيان الزيتون (كان واجبا عليّ ان اكون هنا اليوم وقبل اليوم... جني الزيتون عمل شاق بل اراه تعذيبا...)
مرّ الوقت سريعا تقطعه لحظات لشرب الشاي وحديث
شيّق مع أمي عن "الفوضى" التي عمّت البلاد وعن حق المعطلين في الشغل والعيش
الكريم...
قفزت من شجرة الزيتون بعد هاتف من رمزي يخبرني
بانه سيكون يوما مشهودا والجميع يستعد لردّ قاصِ على ما فعلته بواليس النظام ليلة
البارحة من سرقة وتخريب للمحلات التجارية ومن انتهاك لحرمات البيوت... وأخبرني ان
مسيرة ضخمة ستخرج بعد قليل...
انطلقت في اتجاه مدينة منزل بوزيان التي تبعد
عن ريفنا 15 كلم بعد أن تزوّدت ببعض قطع نقدية... كانت الساعة بين منتصف النهار والواحدة
ظهرا، اوقفت سيارة محمّلة بأكياس الزيتون وعندما اقتربنا من المدينة لاح الدخان
الاسود يحاصر سماءها وأصوات طلقات الغاز تدوي، نزلت من السيارة التي تراجع سائقها
ليسلك طريقا أخرى أشرت عليه بها...
أسرعت أحثّ الخطى بعد اتصال هاتفي لألتحق بمكان يتواجد فيه رمزي وشباب آخرون
وجدت نفسي بينهم أرمي حجارة وأرفع شعارات وألعن النظام وبواليسه... كنت مقنّع بشاش
فلسطيني لكن رمزي تعرّف ملامحي وصوتي فسلّمنا وقضينا شوطا من المقاومة ثم قررنا
تغيير الموقع... التحقنا بالضفة الأخرى من الشارع الرئيسي قرب مقهى
"النضال" كانت الجبهة تظم شبيبة أشداء أذكر منهم المرحوم طهى نصري وشوقي
بكاري الذي اصيب يومها برصاصة...
بين الكرّ والفرّ انتهى اليوم.... بعد ان تم اقتحام مركز الحرس وإحراق محتويات دار التجمع... كنّا واقفين هناك وفي لحظة سمعنا صوت يمزق المكان... إنه صوت الرصاص...
عدت مساءً إلى منزلنا بذلك الريف الهادئ والتحق
بي رمزي الذي غادر المدينة مثل اغلب الشباب بعد حملة اعتقالات قادمة وحديث عن قدوم
تعزيزات...
انتهى يوم الجمعة بارتقاء محمد العماري شهيدا
والتحق به شوقي حيدري الذي كان يحاول انقاذه وبإصابات عديدة للشباب....
إثر ذلك تمت عسكرة المدينة لأيام... غادرت إلى
القيروان مرورا بسيدي بوزيد ثم سبيطلة... لتنطلق ملحمة أخرى من المقاومة رفقة
رفاقي الطلبة والمعطلين...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق