فريد العليبي
قبل سنوات ليست بالطويلة لم يكن الحجاب الحالي موجودا، مع موجة الإسلام السياسي وفد على تونس واقطار عربية أخرى، بعد بيروت 82 وهزيمة المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية حصلت انعطافة في اتّجاه الظلامية السياسية والثقافية الخ ولا تزال متواصلة.. باعث رابطة المحافظة على القرآن الكريم في تونس هو الهادي نويرة وكانت ملحقة بالوزارة الأولى، وقتها أصبح للظلامية السياسية والثقافية مجلّة ناطقة باسمها برعاية دستورية لذلك كانت تطبع في دار الحزب الدستوري .
اليوم في تونس 25 جويلية، إلى جانب الانعطافة السياسية يجب أن تكون هناك انعطافة ثقافية، الرئيس لم يكن مختارا لأزياء ضيوفه في هذه المناسبة، وتلك الفتاة كانت محجّبة رغم صغر سنها، الأمر لا يتعلق بقفطان كما يحاول المبررون الإيهام، لذلك كان الحرص على إخفاء شعرها كاملا .....
الحجاب استعمل كرمز سياسي وايديولوجي... ثمّ جاء النقاب للمزايدة على الإسلام السياسي التقليدي... في انتظار رموز أخرى في اللباس وغيره... ويتواصل الصراع في المجالات جميعها .
الصراع بين الاسلام الثقافي والحداثة الثقافية في تونس ليس جديدا وهو جزء من الصراع بين القدامة والحداثة في الثقافة التونسية الذي يعود إلى عهود سابقة وليست المواجهة بين الطاهر الحداد وأبي القاسم الشابي من جهة وشيوخ الدين على سبيل المثال من جهة ثانية إلاّ مظهرا من مظاهره، والآن يحتد ذلك الصّراع في صلة بأزمات مختلفة تهز البلاد التونسية وهي في لحظة تاريخية موسومة بانعطافات حادة. ففي مثل هذه الظروف تطرح مسائل الدين والسياسة والفنون والاخلاق الخ على بساط الدّرس وتؤدي وظيفتها الايديولوجية خدمة لتوجهات سياسية متنافرة عادة.
وبينما يعمل الإسلام الثقافي على استدعاء الماضي بما فيه من رموز دينية قدسية وتوظيف المنابر الإعلامية في هذا الاتجاه لاكتساب شرعية يمكن تصريفها سياسيا في صناديق الاقتراع وغيرها لتحقيق السيطرة السياسية، فإن الحداثة الثقافية تعمل على مواجهته من خلال نزع القدسية على خطابه الثقافي والكشف عن مواطن الإظلام فيه والبحث عن ملامح التنوير في الموروث العربي وتركيز النظر على التأويل العقلي للنص المقدس.
ومن هنا فإننا إزاء قوتين متضادتين، تعمل الأولى على استغلال الأزمة للتمكين ثقافيا خدمة لغاية سياسية وهي الآن في حالة هجوم، بينما تعمل الثانية على مواجهتها نقديا وهي في حالة دفاع لذلك لا تلتفت كثيرا ناحية السيطرة السياسية فمعركتها ثقافية بصورة رئيسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق