مــــا العمــــــل ؟
جرت يوم 25 جويلية 2022 عمليّة الاستفتاء على الدّستور الجديد للبلاد، والذي كان ثمرة من ثمار الهبّة الشعبيّة التي عرفتها البلاد قبل عام ونتيجة لعديد القرارات والإجراءات التي اتّخذتها رئاسة الدّولة في إطار الصّراع بين منظومة 14 جانفي التس جثمت على الشعب طيلة ما يزيد عن عشر سنوات وبين مسار 25 جويلية الذي يمثّل استعادة لمطالب الانتفاضة التونسيّة (17 ديسمبر 2010) وإحياءً لها بعد أن انقلبت عليها الرّجعيّة بجناحيْها الدّيني والليبرالي وأسّست مسار "الانتقال الدّيمقراطي" الذي انخرطت فيه القوى الانتهازيّة بحثا عن فتات يتساقط من موائد كبار اللّئام.
ولئن حشدت القوى الرّجعيّة والانتهازية المعادية لمسار 25 جويلية كلّ طاقاتها المالية والإعلامية وعلاقاتها الخارجيّة وافتعال الحرائق والمعارك الثانويّة من أجل إفشال عملية الاستفتاء بالتحريض على مقاطعتها او التصويت بلا، فإنّ أكثر من 90 بالمائة من المصوّتين وافقوا على الدّستور الجديد وكانت نسبة المشاركة مقبولة بالرّغم من الظّروف الطّبيعيّة والسياسيّة والاجتماعيّة واللوجستية الصّعبة. وقد غابت عن عمليّة التّصويت مظاهر التّأثير على النّاخبين التي رافقت المحطات الانتخابيّة السّابقة ما عدا بعض المحاولات من قبل الرّافضين للاستفتاء والتي تصدّى لها الشّعب بإشاعة مظاهر البهجة والتعبير عن القطع مع منظومة الفساد والاستبداد والاستغلال ورموزها خاصّة من الإسلام السياسي.
وإذا كانت المصادقة على الدستور تمثّل محطّة مهمّة في مسار تغيير الأوضاع السّائدة، فإنّها تمثّل، وهذا الأهمّ، نقطة انطلاق لتحقيق تطلّعات الشعب في مختلف الميادين في إطار تونس الجديدة التي ضحّى من أجل تشييدها، وهذا يستوجب تطبيق فصول الدّستور وإعطاء أولويّة للميدانيْن الاقتصادي والاجتماعي للتغلّب على الأزمة الرّاهنة والخانقة من خلال بناء اقتصاد وطني حقيقي يحقّق الرّخاء للطّبقات الكادحة ويمنح الثّروة لجموع المنتجين وخاصّة العمّال والفلاّحين الفقراء ويقضي على التهميش الاجتماعي والجهوي. وهذا يمكنه أن يتحقّق في نفس الوقت الذي تتواصل محاربة الفساد المنظّم قانونيّا وسياسيّا.
ومازالت امام أبناء الشعب وبناته الطّامحين إلى مستقبل أفضل محطّات أخرى هامّة للقطع مع المنظومة السّابقة وبناء مؤسسات جديدة عبر انتخابات 17 ديسمبر القادمة، وهو استحقاق يفرض عليهم وعلى القوى الحيّة في البلاد الالتقاء حول برنامج اقتصادي اجتماعي سياسي يمكّنها من السّير نحو تحقيق طموحاتها الوطنية والديمقراطية الشعبيّة، وهذا يستوجب تنسيق العمل بين تلك القوى في إطار جبهة وطنية تقدر على توحيد الشعب ليحقّق انتصاره على جبهة الرّجعيين والانتهازيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق