تعيش فرنسا منذ ثلاثة أسابيع على وقع احتجاجات اجتماعيّة متصاعدة، انطلقت مع إضرابات شنّها الكادحون في قطاع الطّاقة وهو ما أدّى إلى حدوث أزمة في التزوّد بالوقود، وقد تواصلت هذه الإضرابات رغم الإجراءات العقابيّة التي لجأت إليها السلطات الفرنسية ورؤوس الأموال ضدّ العمّال المضربين وخاصّة باللّجوء إلى تسخير عدد من العمّال لكنّ ذلك لم يشمل سوى 4 بالمائة منهم. وسرعان ما التحقت قطاعات اجتماعيّة واسعة بهذه الاحتجاجات بسبب تردّي الأوضاع المادية للطّبقة العاملة وللطّبقات الكادحة بصفة عامّة، وهو ما تمظهر يوم الاحد 16 أكتوبر 2022 في مظاهرة شعبيّة عارمة انتظمت في العاصمة باريس تجمّع خلالها ما يقارب الـ 140 ألف متظاهر ومتظاهرة يطالبون بالتّرفيع في الأجور وتحسين نظام التقاعد وظروف العمل والمعيشة. وقد تخلّلت هذه المظاهرة مواجهات بين قوات البوليس وعدد من المحتجّين الذين قاموا بمهاجمة عدد من البنوك ومن محلات البرجوازيين وتهشيم واجهاتها باستعمال الحجارة والقوارير.
ويتزايد الغضب الشعبي في صفوف الطّبقات الاجتماعيّة الكادحة مع تزايد اهتمام السّلطة الرّأسماليّة الحاكمة بالحرب في أوكرانيا، حيث لا تتوانى الدّولة الفرنسيّة في تقديم الدّعم العسكري والمالي للنظام الاوكراني متجاهلة تردّي الأوضاع الاقتصاديّة وانعكاساتها الاجتماعيّة. كما يشتدّ غضب الفرنسيين على انسياق الدّولة بقيادة ماكرون وراء ما تطلبه السّلطات الامريكيّة ووراء سياسة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في علاقة بالحرب في أوكرانيا حيث أصبح ماكرون مجرّد بيدق تحرّكه تلك القوى وهو ما يعتبره الفرنسيون تفريطا في استقلالية القرار الفرنسي وفي السيادة الوطنيّة.
وقد دعت النقابات العمّالية وبعض القوى اليسارية على تنفيذ إضراب عام يوم غد الثلاثاء 18 أكتوبر، ومن المتوقّع ان يكون هذا الإضراب مزلزلا حسب مختلف المؤشرات، وهو ما ينذر بانفجار البركان الاجتماعي في وجه السلطة الرّأسماليّة التي بدأت تعبّر عن تخوّفها من تصاعد وتيرة الاحتجاجات.
في وسط المظاهرة في الصّورة هناك لافتةتقول: التهموا الأغنياء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق