* ليس دفاعا عن الرجل بل انتصارا للقيم *
لست بصدد الدفاع عن الرّجل، فهو يدافع عن المضطهدين، ودافع عن المهمشين والمظلومين و"المحقورين"، ناهيك عن الدفاع عن نفسه.
_عرفت عبد الحليم مناضلا صادقاً مقداما صوتا مرتفعا صادحا لا يخاف لومة لائم، يتحدّى الظلم والظلامية، ويفضح الاستغلال والتهميش، في وقت خفتت فيه أصوات "أبطال"، وسكتت اخرى، حيث لا تسمع لها ركزا.
_تمنيت له النجاح عندما تقلد مهمته على رأس ولاية سيدي بوزيد، مقتنعا بانها مهمة محفوفة باللوبيات والعشائرية والارث الثقيل من التفقير والتهميش، فرحت للرجل نهاية رحلة البطالة، واشفقت عليه من ثقل المهمة واوزارها.
وكنت مقتنعا بانه قادر على رفع التحدي، فهو رجل صادق نزيه صلب نقي ومحب للعمل متفان فيه.
_لن أناقش منجز الرجل في مهمته، فلكل رأيه ووجهة نظره، فقط ما حفّزني على تحبير هذه الورقة، هو خطورة الموقف الذي ينضح عفنا وعطنا، حيث الاحتقار و"الحقرة"، والتهكم على لحظة مضيئة في مسيرة الرجل، لحظة كان كادحا "مرمجيا" شاقيا لا محتاجا"، بوجهه المحروق، وملامحه الصارمة، يكسب قوت يومه بكرامة وعزة وانفة، وهذه صفاته يعترف له بها العدو قبل الصديق.
_إنّ من يتهكم على هذه المهن "الحقيرة" يعبّر عن سفالته ونذالته وحقارته هو، فكلّ اناء،،،،،،.، يعبّر عن جهله بالتاريخ السياسي المليء بامثلة تذكر زعماء وعظماء غيروا مسار التاريخ، خرجوا من رحم المعاناة ومن رحم الشعب الكادح.
يذكر تراثنا انبياء امتهنوا النجارة أو الرعي او الحدادة،،،،
ويخبرنا ارشيف السياسة المعاصرة عن ساسة ذاع صيتهم، منهم الفلاح أو الإسكافي أو عامل سكك الحديد،،،.
_أتذكّر مذيعة أصابها التعثر "الركبي"، تهكمت على شاعر فحل، ناعتة إيّاه بـ"الراعي"، فكان رده صاعقا لاذعا، جعلها تخجل من زلتها، وانطفأت تلك الـ"هالة" الزائفة من التعالي والتطاوس، لينتصر "الراعي" الحقيقي، أمام "المديني" المزيّف.
_لقد ازعجهم وصول أبناء "حافية القدمين"، الى مراكز القرار، يرون فيهم"آفاقيين"، وجوهًا "نكرة"، كيف لهم أن يأخذوا مكان أبناء "سيدي" و"للّـه"، لقد أرعبهم توجه تونس الجديدة نحو "مباركة" وأبنائها، توجّهها نحو ابناء الشعب، ونحو كفاءات الشعب، وإرادة الشعب الاصلي والاصيل.
_عبد الحليم وغيره من أبناء الشعب الكادح، في مواجهة معادلة صعبة، أن يثبتوا جدارتهم في وقت الشدة والأزمة. ولن يسلموا من الانتقاد ولو حققوا المعجزات، ولو اشعلوا أصابعهم شمعا، لذلك يجب أن يشعلوا تلك الشموع لإنارة طريقهم هم، لكشف الفساد والأمور التي تدبّر بنهار وليل، حتى يحققوا النجاح في مهماتهم، ولإسعاد الشعب الذي يبحث عن مكان تحت شمس الكرامة والحرية والعدالة.
_أخيرا، إنّ "المرمة" الصغرى التي يجب الإسراع بإنجازها، من قبل أبناء هذا الوطن الصادقين،تتمثل في تحقيق التنمية والمشاريع والتشغيل،،،،، وتبقى "المرمّة" الكبرى، التي يتعين التسريع بانجازها،هي بناء انسان جديد،يؤمن بالعمل والمثابرة، والكبرياء والانتماء الى وطن غال ونفيس، يصارع لتحقيق سيادته الوطنية الحقيقية، معتمدا على تنوع ثرواته الطبيعة والبشرية.
_صديقي عبد الحليم،اتمنى لكم مزيد النجاح والتوفيق، ونقول للمتشدقين ان لنا في هذا الوطن ما نبنيه، وما نفلحه، وما نتعلمه، فوق الأرض وتحت السماء، وإنّ لنا نشيدا نردده :
"شدوا الهمة،الهمة قوية".
بقلم فوزي قمودي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق