الاثنين، 11 يناير 2021

شعار الأربــاح قبل الأرواح.. حصيلته إبادة جماعيّة ‏


    منذ أن تمّ اتّخاذ قرار فتح الحدود قلنا أنّ أنّ ذلك سيفتح الباب أمام تفشّي فيروس كورونا من جديد، وهذا ما حصل، ونبّهنا إلى أنّ طغمة رأس المـال الجشعة وخاصة الطغمة الكمبرادوريّة هي التي تقف وراء اتّخاذ هذا القرار الكارثة وكان ذلك واضحا من خلال الاستغناء عن الاستظهار بتحليل سلبي من قبل الوافدين إلى البلاد وهو ما ادّى إلى إحلال الكارثة بالشعب. ولم تتأخّر الدّولة في تنفيذ ضغوطات تلك الطّغمة فتسرّب الوباء عبر الحدود امام غياب الرّقابة وسرعان ما اقتحم كل شبر من البلاد وتفشّى ولم تنبس ببنت شفة. وحين انتشرت رائحة قتلى الوباء أعدّوا بروتوكولا صحيّا خاصّا بالشعب الموبوء وألزموه بتطبيقه بـ"صرامة" (عبارات رئيس الحكومة الشهيرة) متوعّدين المخالفين بالخطايا الماليّة فأصدروا قي شانها القرارات وشرعوا في تنفيذها.. أمّا البروتوكولات الخاصة بالوافدين فلم تبرح أدراج الوزارات من اجل نيل رضا طغمة رأس المـال التي لا همّ لها سوى تحقيق الأربــاح وان كان ذلك على حساب جثث الكادحات والكادحين الذين يفتك الوباء يوميّا بالعشرات منهم ويصيب الآلاف. وفي نفس الوقت، والتزاما بخدمة هذه الطّغمة، ظلّت الحكومة برئيسها ووزرائها متمسّكة بعدم فرض الحجر الصحي الشامل ولو ماتت اغلبيّة الشّعب متذرّعة بأنّ فرض ذلك لن يخفّف من انتشار الفيروس بعد ان أصبح مجتمعيّا كما يقول المسؤولون وهم ينشرون بهذه الحجّة اوهاما منافية للعلم وللمنطق وللتجربة...

   يوم 22 أكتوبر 2020، صرّحت الناطقة باسم وزارة الصحة والمديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة بأنّ ضغوطات أرباب السياحة كانت وراء إلغاء الاستظهار بتحليل سلبي من قبل الوافدين.. لكن هذا ليس انجازا يحسب لها، فنحن أدركنا ذلك مذ تمّ اتّخاذ قرار فتح الحدود الذي كان استجابة لتلك الطّغمة من المستكرشين الذين لا همّ لهم سوى تكديس الارباح ونبّهنا إلى خطورة ذلك ولم نندهش ممّا حدث إثر ذلك لأنّ كلّ سياسة معيّنة تؤدّي إلى نتائج معيّنة وكلّ ما تمّ لم يكن ليؤدّي إلاّ إلى هذه النّتائج الكارثيّة التي تكتفي السلطات بإحصاء حصيلتها من أعداد القتلى وأعداد المصابين. ربّما لا تثير تصريحات الناطقة الرسميّة باسم وزارة الصحّة استغراب البعض فحسب، وإنّما ستثير تعاطفهم معها ومن ورائها مع اللّجنة العلميّة التي وقع عليها الضّغط فتظهر بلباس الضحيّة، واكيد أنّ هذا ما تنتظره هذه المسؤولة من تصريحاتها في هذا الوقت بالذّات. وقد يمنحها البعض وسام الشّجاعة ويعلّق على رأسها نيشان الجرأة والصّراحة، وهذا ما وضعته أيضا في حساباتها قبل تقرير النّطق بما صرّحت به، لكن على كلّ هؤلاء وعلى هذه النّاطقة أيضا أن يدركوا أنّ المحظور قد حصل وهو جريمة إبادة جماعيّة بعد أن استوردوا وباءً قاتلا وجعلوا شعبا أعزلا يواجهه لا سلاح له سوى "الماء والصّابون".. وباعتبار أنّ هذه الناطقة وتلك اللّجنة  وبقية المسؤولين الرسميين قد صمتوا على ذلك المحظور في اللّحظة المناسبة فإنّهم مُدانون ولن يغفر لهم من أصيبوا ومن سيصابون وأهالي من قُتلوا ومن سيقتلون جرّاء هذه السّياسة القائمة على مبدأ "الأربـاح قبـل الأرواح".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق