الجمعة، 24 ديسمبر 2021

الاغتيالات: واحدة من حلول مهزومي 25 جويلية

 

   ما كشف عنه رئيس الدّولة يوم امس، الخميس 23 ديسمبر 2021، عن محاولة اغتيال تستهدف بعض المسؤولين ومن بينهم شخصه يؤكّد أنّ الرّجعيّة التي تضرّرت من هبّة يوم 25 جويلية 2021 الشعبيّة وما لحقها من إجراءات في نفس اللّيلة ثمّ في 22 سبتمبر وأخيرا في 13 ديسمبر من قبل قيس سعيّد ضدّ المنظومة الفاسدة التي كانت تحكم البلاد، تؤكّد أنّ هذه الرّجعيّة لن تتخلّى بسهولة عن امتيازاتها ومصالحها سواءً تلك التي فقدتها أو تلك المهدّدة بفقدانها، وأنّ هذه الرّجعيّة ستلجأ إلى استعمال جميع الوسائل والطّرق لاستعادة ما فقدته حتّى وإن لزم الأمر إدخال البلاد في حرب أهليّة وصراعات دمويّة من أجل استرجاع سلطتها السياسيّة. وهذه ليست المرّة الأولى التي يتمّ الكشف فيها عن اكتشاف مخطّط اغتيال يطال رئيس الدّولة. 

  وهذه ليست المرّة الأولى التي يتمّ الكشف فيها عن اكتشاف مخطّط اغتيال يطال رئيس الدّولة. وليس الأمر بمستبعد عن الرّجعيّة الدّينيّة التي تؤمن بأنّ طريق الوصول إلى السّلطة يتمّ عبر الانقلابات ولذلك كان وصولهم الى السلطة في 2011 عبر مشروع الانقلاب على انتفاضة الشعب وهو انقلاب تمّ تغليفه برداء الانتخابات التي لعب فيها المال السياسي والإعلام المأجور والرشاوى دورا فعّالا في وصول الإسلام السياسي إلى الحكم بينما قاطع الشعب تلك الأكذوبة الكُبرى ليقينه بأنّ كلّ ما حدث منذ ليلة 14 جانفي 2011 هو مشروع للالتفاف على انتفاضته والانقلاب عليها شاركت في التخطيط له وتنفيذه قوى استعماريّة عالميّة وقوى رجعيّة إقليميّة وكانت الرّجعيّة في تونس وسيلة لتنفيذ ذلك المشروع انخرطت فيه أطراف أخرى صفّقت لما سمّي بمسار الانتقال الديمقراطي وسارت بذلك في الطريق المعادي للانتفاضة والمسار الثّوري.

   وقد نجح الإسلام السياسي، مستغلاّ غباء اليسار الانتهازي والإصلاحي الذي سار في ركب مسار "الانتقال الديمقراطي"، في بثّ أكذوبة طابعه المدنيّ والدّيمقراطي وترويجها حتّى صدّقها ذاك اليسار الذي كان جزء منه قد تحالف مع اليمين الديني ودعّمه وبيّض وجهه في عهد بن علي في إطار اختزال معركته مع النّظام الرّجعي الليبرالي القائم آنذاك في مجرّد معركة المطالبة بالحريّات وحقوق الإنسان. وقد انطلت تلك الدّعاية المدنيّة والديمقراطويّة على أولئك الانتهازيين وضيّقي الأفق فقدّموا لليمين الفائز بالانتخابات التّهاني، تماما مثلما انطلت عليهم المخاتلات الأخرى، لكنّ ذلك اليمين الدّيني الذي أصبح متحكّما بالسلطة استعمل في أكثر من مرّة جهازه العسكري (الأمني) فنفّذ الاغتيالات السياسيّة ومارس إرهابه التكفيريّ المسلّح في الجبال والقرى والمدن.

   واليوم، حين يكشف رئيس الدّولة عن التفطّن لمخطّط اغتيال كان يستهدفه ويستهدف مسؤولين آخرين ويذكر بعض تفاصيل هذا المخطّط، ترتفع أصوات أولئك المدافعين عن متضرّري 25 جويلية ضاحكة ومستهزئة بسبب استخفافها بمثل هذه الأنباء، فإنّه يتأكّد أنّ مبيّضي الاسلام السياسي سابقا والمدافعين عن مدنيته وديمقراطيته المغشوشة والفاسدة لاحقا لم يفهموا الدّرس بعد وليسوا مستعدّين لنقد ذواتهم وأفكارهم وممارساتهم وأنّهم مصرّون على المضيّ في غيّهم وفي الحفاظ على موقعهم بالوقوف في معسكر الرّجعيّة سواءً كانت الدّينيّة أو الليبراليّة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق