الجمعة، 24 يونيو 2022

الاكوادور: الجماهير تطوّق العاصمة ثمّ تقتحهما

   على الرغم من حصار الشرطة وحظر التجول الذي فرضته الحكومة الرجعية، وصل الآلاف من الفلاحين والعمال وغيرهم إلى كيتو سيرا على الأقدام أو في شاحنات وسيارات للمشاركة في مظاهرات في العاصمة. منذ بداية الإضراب، شنت الحكومة الرجعية حملة قمع جبانة ضد الجماهير المنتفضة، وحشدت القوات المسلحة الرجعية كلّ طاقاتها لمهاجمة المتظاهرين الذين يقاومون بقدر ما يستطيعون.

    ما كان واضحا، على الرغم من القمع والاعتقالات ضد المتظاهرين، هو أن المتظاهرين تمكنوا من دخول المدينة ويتم استقبالهم بالفعل من قبل جماهير العاصمة على طرقات الوصول الرئيسية ومن قبل المتظاهرين الآخرين الذين كانوا بالفعل في مكان الحادث. وفتح طلاب من جامعات كيتو أبواب الجامعات لاستقبال المحتجين، حيث دارت أيضا معارك ضارية ضد قمع الشرطة.

   في كيتو، في 17 جوان، كان القتال عنيفا وضاريا. وأصيبت وسائل النقل بالشلل في معظم أنحاء المدينة وأدى النضال من أجل كسر الحصار حول قصر الحكومة إلى معارك حقيقية. في وسط المدينة، قاومت الجماهير الجيش الرجعي. كانت هناك أيضا إجراءات تهدف إلى تقويض نوايا الحكومة لتسليم إدارة الأمن الداخلي إلى الولايات المتحدة وخاصة الكيان الصّهيوني. وسط حصار القمع، قام المتظاهرون بإحراق علم الكيان الصهيوني تنديدا بالحالة شبه الاستعمارية التي تسعى حكومة لاسو إلى فرضها على الشعب وتأبيدها.

   وخلال يوم 18 جوان، تجمع عشرات المتظاهرين في أقصى جنوب كيتو. وفي منطقة كوتوغلاغوا، حيث وقع حصارهم، أرسل فريق من القوات المسلحة والشرطة لقمع الناس. ومع ذلك، وبعد دقائق، تجمع المتظاهرون إلى الشمال، حيث وقعت اشتباكات جديدة. وأبلغت وكالة المرور الحضرية عن إغلاق الطرقات بسبب المظاهرات في خمس نقاط أخرى في العاصمة.

   وفي نفس اليوم، أطلقت النار على سيارة اتحاد قوميات السكان الأصليين في إكوادور (كونايي)، حيث كان فيها رئيس المنظمة، بينما كانت متوقفة أمام محطة تلفزيونية. وبالإضافة إلى ذلك، يتم تركيب شاحنات مليئة بالجيش والشرطة حول اجتماع كوناي في كيتو، لتعزيز المتابعة من خلال كاميرات المراقبة، وإدخال عملاء سريين وشن غارات على المتظاهرين خلال الساعات الأولى من الصباح.

   استولت الشرطة الإكوادورية يوم 19 جوان على مقر دار الثقافة الإكوادورية في كيتو، التي تأسست في عام 1944 والتي تضمّ المتاحف والسينما ومكتبة العاصمة لتحويلها إلى مركز للشرطة. وقال رئيس المقر إن آخر مرة استولت فيها الشرطة على مقر دار الثقافة كانت قبل 46 عاما، في ظل النظام العسكري الفاشي. وجاء قرار اللجنة بعد أن تلقى المدعي العام الإكوادوري "شكوى مجهولة المصدر" مفادها أنه يوجد داخل اللجنة مجموعة من الأشخاص، بمن فيهم أجانب، يخزنون مواد حربية مثل المتفجرات والأسلحة المصنوعة يدويا من أجل اقتحام مقرّ رئاسة الجمهورية. غير أنّه لم يتم العثور على أي شيء داخل المنشأة.

   بعد النّجاح في كسر الحصار الأمني والعسكري المضروب على العاصمة، أصبحت المدينة ساحة لمظاهرات ومسيرات عشرات الآلاف من المحتجّين بين فلاّحين وعمّال وطلاّب قدموا من مختلف الجهات والتحقت بهم الجماهير الكادحة في الاحياء الفقيرة للعاصمة. وتقوم الجماهير المنتفضة بقطع الطّرقات امام قوّات البوليس والجيش وتحرق العجلات المطاطية رافعة مطالبها الاجتماعيّة والوطنيّة. وعلى الرّغم من تعبير رئيس الدّولة عن استعداده للتفاوض مع ممثلي المحتجّين وكذلك مبادرة بعض أعضاء البرلمان لفتح حوار معهم، إلاّ أنّ الجماهير المنتفضة ترفض هذه المحاولات مطالبة برفع حالة الطّوارئ والتراجع عن حالة العسكرة قبل الشّروع في أيّ مفاوضات، وقد صعّدت الجماهير في مطالبها واضعة في مقدّمتها رحيل النّظام الحاكم.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق