في الطريق سرحان يقظا مثل حمار الوحش كان وككلب الصيد ملفوفا خفيف وشجاعا مثل موج البحر كان ومخيفا مثلما النمر مخيف كانت الدنيا مطر وصفير الريح، في الاذنين، وحش وجأر وعلى الوجه يصير البرد، شوكا وأبر كانت الدنيا مطر وظلام الليل كالفحمة.. لا نجما يضوي، أو قمر انما سرحان كالقط، يرى الابرة في الليل الكثيف انه يعرف هذه الأرض كالكف.. كما يعرفها كلب الأثر كانت الدنيا مطر كان يمشي نحو "تل الحارثية" حيث ماسورة بترول شقية تحمل الخير الذي يدفق من أرض الشعوب العربية لبلاد أجنبية كان يمشي نحو "تل الحارثية" وبجيبه دناميت، ونار وفتيل وعلى كتفه كانت.. بندقية كتلة صامتة كان يسير وبعينيه سكاكين، وشر مستطير كتلة تنحت نحتاً دربها، بين الصخور شرهاً كالذئب.. للصيد الكبير ايه يا سرحان.. اسرع ان لليل عيونا، ربما تقرأ أعماق الضمير وترى ما في الصدور إيه يا سرحان.. اسرع ولتكن رجلك، فوق الدرب، منديل حرير لم لا يخلق للانسان، أحيانا، جناح كي يطير قبل ذلك. عندما لم يفهم سرحان (2) عندما قالوا له: سرحان.. يا سرحان.. هل تقدر ان تفعل شيئاً للوطن هز كتفيه: أنا..؟؟ يا ناس خلوني بعيداً عن حكايات الوطن عندما قالوا: "سرحان.. يا سرحان.. هيا للجبال" هز كتفيه: أنا..؟؟ من أين، ان جعت ستأتي لقمة الخبز الحلال عندما قالوا له: "سرحان.. يا ابن الكلب.. انظر شعبك العبد الطعين" هز كتفيه: أنا..؟؟ مادام جلدي سالما مالي ومال الآخرين لعنة الله.. على شكلك.. يا كتلة طين.. لهنة الله عليه... ما فهم انما لما رأت يوماً، نجوم الظهر عيناه.. فهم مرة في الطوق مشوه على ألواح الصبار، برجل حافية وهوى العسكر بالسوط على ظهره.. نار حامية كسروا السكة والعود.. وساقوا الماشية وبأعقاب البنادق حطموا السدة، والباب، وكا الانية نسفوا البيت وصاحوا "أنت.. يا ابن.. الزانية" ساعة الميلاد جاءت، هكذا.. في ثانية عندها سرحان لم يأبه لنيران الألم إنما صرّ على أسنانه، في فمه المملوء دم إن سرحان أخا البنت فهم آه.. كم يصبح سرحان مخيفاً.. إن فهم عاش سرحان العلي مطارداً عاماً ونصفاً ما درى حي مقره فتشوا عنه مراراً.. كل حجر.. كل حفرة وضعوا الف جنيه للذي يقتله، أو يكشف سره الف مرة بينه كان وبين الموت شعره الف مرة كان في كل مكان واسمه عاش على كل لسان إنما عاماً ونصفا ما درى حي مقره ذات يوم راح سرحان يفكر ان انبوبا على بعد كذا يدفق فيه النفط قرب "الحارثية" يحمل الخير الذي ينبع من أرض الشعوب العربية لبلاد أجنبية آه.. يا سرحان.. لو.. لو يتفجر ان أسنانك لا تكفي ولا يكفي رصاص البندقية فتدبر لعنة الله عليك الامر.. فكر وتدبر اللحظات الأخيرة انتظري.. (3) آه يا ماسورة البترول.. يا بنت الحرام.. انتظري ان سرحان الشقي بن الشقية قادم رغم انصباب المطر وبعينيه بروق شتوية كتلة صامتة، وحشا شديد الخطر ملء جيبيه دناميت، ونار، وفتيل انت.. يا بنت الحرام.. انتظري هذه لحظتك السوداء جاءت.. هكذا كالقدر كلها بضع ثوان.. قبل ان تتفرجي آه.. يا بنت الحرام ...انتظري لم يعد سرحان من ليلته تلك ولكن في الصباح نشرت بعض الجرائد: - نسف ماسورة بترول بتل "الحارثية" - فجر الانبوب ارهابي مطارد - وجد البوليس بعد البحث.. رجلاً بشرية وبقايا بندقية.. وهوية - اسمه الكامل: سرحان العلي من عرب الصقر ولكن بعد لم تعرف تفاصيل القضية والبقية.. في غد نأتي إليكم ...بالبقية
---------------------------------
توفيق زياد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق