أقرّت الحكومة التونسيّة قبل يومين (مفتتح شهر
جوان) زيادات في أسعار عدد من الموادّ الاستهلاكيّة ومن الخدمات.
هذه الزّبادات شملت مادّة السكّر
الموجّه للاستهلاك العائلي، وهي من المواد الغذائيّة الأساسيّة، حيث تمّ الترفيع في سعر الكغ الواحد بنسبة 22% أي
بما قدره 250 مي ليصبح ثمنه 1400 مي. كما شملت الترفيع في بعض أسعار الخدمات،
ومنها خدمات النّقل العمومي وتراوحت نسبة الزيادة بين 5 و10%، وكذلك الزيادة في
تعريفة خدمات المقاهي بين 100 و 200 مي على أسعار المشروبات.
وتضاف هذه الزيادات إلى الزيادات في بعض
المواد الأخرى، من ذلك أسعار المحروقات التي تواترت حتّى لم يعد المستهلك قادرا
على حفظ ثمن اللتر الواحد منها بفعل سرعة تغيّرها. وشملت الزيادات أيضا أسعار بعض
مواد البناء، من ذلك أسعار الحديد بنسبة 15% لتستقرّ نسبة الزيادة إجمالا في 44%
في ظرف 3 أشهر فقط. إضافة إلى الزيادة في تعريفة الماء الصّالح للشّراب التي تمّ
إقرارها مؤخّرا.
ولم تسلم
حتّى أعلاف الحيوانات من الزّيادة في أسعارها، حيث تمّ التّرفيع في سعر الكيس
الواعد من مادّة الشّعير المخصّص للعلف بـ 4 دينارات كاملة.
وتضاف هذه الزّيادات "الرّسميّة"
إلى الزيادات "الحرّة" في أسعار مختلف الموادّ الاستهلاكية وهي زيادات
منفلتة حيث تبيت بعض المواد على ثمن لتصبّح على ثمن آخر.
وتتنزّل هذه الزيادات "الرّسميّة"
في الأسعار في إطار تنفيذ الاملاءات المفروضة من صندوق النّهب الدّولي على الدّولة
التونسيّة تحت شعار الرّفع التّدريجي للدّعم باعتبار أنّ الدّولة تتحمّل عبءا
ثقيلا جرّاء دعم عديد الموادّ الاستهلاكيّة لتزيد في تأزيم الأوضاع الاجتماعيّة للطّبقات
الكادحة. وهو ما سيكون له انعكاس على الوضع العام في البلاد ويساهم في تأجيج الغضب
الشّعبي لدى هذه الطّبقات حيث بدأت شرارة الغضب تتّقد في مدنين باحتجاج صغار
الفلاحين على الزيادة في سعر أعلاف مواشيهم ممّا ينتئ بصيف ساخن اجتماعيا وسياسيّا.
من جهة أخرى، يبدو انّ الزّيادات في هذا البلد لا يقتصر على الأسعار فحسب، وإنّما تعدّتها إلى الأرواح البشريّة. ففي علاقة بالوباء الذي حصد إلى حدّ الآن حوالي 13000 ومازالت أرقام القتلى في تصاعد، "بشّر" وزير الصحة التونسي الشعب يوم الاثنين 31 ماي
2021 بأنّ هناك موجة رابعة من وباء كورونا على الأبواب ستحلّ من منتصف شهر جوان
وأضاف أنّ ذروتها ستكون في شهر اوت. وقد أفاد بأنّ هذه الموجة ستفتك بـ 4000 من
أفراد هذا الشّعب. وكعادته، وعادة كلّ المسؤولين، اكتفى الوزير المسؤول عن صحّة
التونسيين بزفّ هذا الخبر دون ان يشير إلى أيّ تدابير يمكن اتّخاذها من قبل دولته
لمواجهة هذه الموجة.
هذا
الوزير يثير الشفقة بتصريحاته هذه، فهو يجهل او يتجاهل الكارثة التي ألمّت بالشعب
جرّاء الفشل في اتخاذ الاجراءات لمواجهة هذا الوباء ممّا جعل حصيلة القتلى
والمصابين ثقيلة والوضع لن يتغيّر بل سيزداد سوءًا مع الموجة القادمة والتي بدأت
ملامحها تغزو عددا من المناطق والجهات (سيدي بوزيد، القصرين، القيروان، بنزرت...)
مقابل غياب أيّ إجراءات وتباطؤ شديد في إجراء التلاقيح.