الاثنين، 31 أغسطس 2020

مـــا العمــل ؟ افتتاحية العدد 3

  شكّل الاتّــحاد العــام التونسي للشغل دعامة ورافدا من روافد  انتفاضة 17 ديسمبر 2010 في تونس باعتبار الدور الهــامّ الذي لعبته القواعد وقسم من القيادات النقابية على المستويين الجهوي والمحلّي، من تأطير ومساندة ودعم ودفع لمسار الانتفاضة نحو التوسع والتجذّر، وفي المقابل وقفت البيروقراطية النقابية حجر عثرة في طريق الثورة و بقيت وفية لبن علي حتى لحظاته الأخيرة وهو في الحكم.

    و بعد 14 جانفي 2011 حاولت الظهور مثل غيرها من الرجعيين والانتهازيين بمظهر ثوري، ساعية في نفس الوقت إلى تطويق الحريــق الثّــوري المتعاظم وإخماد لهيبه نهائيّا. فكان أن أنشأت ما سمّي بـ"المجلس الوطني لحماية الثّــورة" بعد أن ألّفت بين  قلوب  ممثّلي مختلف الأطراف الرّجعيّة والانتهازية فوفرت بذلك للنظام الكمبرادوري الإقطاعي المصاب بحالة ارتباك وذعر عظيمة فرصة من ذهب لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق من جديد وهو ما مكنّه من ترسيخ انقلابه على الانتفاضة عبر تنسيق سرّي مع دوائـــر المخابرات الإمبريالية والصّهيونية ورجعيات النفط الخليجية.

   و هــــا هي اليوم وبعد احتدام النزاع بين الرجعية الدينية الحاكمة والرجعية الليبرالية الخارجة لتوّها من قصور الحكم بما ينبئ بانفجــار صراع دموي تتدخّـل مرة أخرى لتحقيق التّــوافق بينهما على حساب آلام ومعاناة الكـــادحين الذين زاد بؤسهم عمقا واتّساعا، فكانت المبادرة ثمّ تلاها "مؤتمر الحوار الوطني" كما وقعت تسميته، الذي انعقد يوم 16 أكتوبر 2012 وهو يمثّــل في حقيقــة أمره  إعــادة إنتاج للميثاق اللاوطني الذي وضعه بن علي غداة 7 نوفمبر 1987  للحيلولة دون انفــراط  عقد التحالف الطّبقي السائد.  

   عَــوْدٌ على بــدءٍ إذا، يتكــرّر المشهد ثانيــــة، ويعاد السيناريو مرّة أخرى لكن بديكور جديد وشخوص مختلفة. وهو ما يؤكّد على حقيقة بسيطة ولكنّها هامّة :  وهي أنّ البيروقراطية النقابية ستظلّ دومــا في خدمة النظام وإن اختلفت ظرفيا مع بعض مكوّنـــاته فهي لا تبحث عن مصالح الشعب والــوطن وإنّمــا عن مصالحها ومن هنا فإنّ المراهنة عليها خاســـرة بالمعنى الاستراتيجي للكلمة ..

*************************************************************************

طريق الثورة، نوفمبر 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق