الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

مـــا العمـــــل ؟

 افتتاحية العدد 14، أكتوبر 2013

   خفت إلى حدّ ما كفاح الشعب ضد النظام وتوارى مؤقتا  شعار : الشعب يريد إسقاط النظام بينما يحتد الصراع حاليا بين أطراف في النظام نفسه خاصة اليمين الديني واليمين الليبرالي وكل طرف يستعمل الشعب كورقة ضغط ومساومة لتحقيق مآربه.

   و بينما يرفع اليمين الديني شعار: نعم للشرعية ولا للانقلاب، يُلوّح اليمين الليبرالي بالانقلاب أو ما يسمّى بالسيناريو المصري معتبرا الشرعية الانتخابية منتهية حتى أنه تبنى بمكر مطالب إسقاط المؤسسات السلطوية المنبثقة عن انتخابات 23 أكتوبر، وفي قلب المعركة  توظف الرموز الدينية والسياسية برياء ودون حياء  يذكر بدءا من الله نزولا حتى بورقيبة.

   ورغم ضوضاء الصراع وجلبته يلتقي الطرفان حول هدف واحد وهو اغتيال الانتفاضة وترميم النظام و يبرز ذلك خاصة في المنعطفات الحاسمة حيث ينحني كل طرف احتراما للطرف الآخر ويغمره بالقبلات والورود فالسفينة واحدة وإذا  هوت غرق الاثنان .

   وعندما تأتي الأوامر من باريس وواشنطن  بالحوار والوفاق يسرع الجميع إلى بيت الطاعة حتى لو كان الواقف على بابه الحمار المتدثر بالوطنية، دون نسيان اصطحاب خناجرهم معهم فقد يتطلب الحال طعنة هنا أو طعنة هناك للوصول إلى الوفاق المرتقب.

   أما الإصلاحيون والانتهازيون فهم  كالأيتام على موائد اللئام  منحازين كالعادة  لطرف من أطراف النظام لمحاربة الطرف المقابل له، ممنين النفس  بالحصول على بعض المواقع، فما لا يدرك كله يدرك بعض فتاته، متناسين درسا قديما قدم الصراع بين الطبقات عبر عنه أمير الشعراء بقوله : وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

   الاستقطاب الثنائي على أشده الآن في تونس والكادحون يستبدّ بهم شعور عارم  بالإحباط والغضب، فحتى الذين زعموا أنهم أصدقاء الشعب وصوته تورطوا في البيع والشراء أما أعداؤهم المفضوحين فإنهم يملكون المال والإعلام والسلاح ويتمتعون بدعم دولي وإقليمي واسع وهم يعقدون الصفقات فيما بينهم على حسابهم بينما لا يملكون هم أي شيء غير سواعدهم و تاريخ ملئ بالتضحيات تجلله دماء الشهداء وآلام الجرحى وصرخات الأيتام ودموع  الثّكالى.

   و رغم الحسرة والغضب لا يتوقف  الشعب عن المقاومة،  وفي التصميم على الكفاح  توجد بذرة الثورة مثلما كانت دائما، وعندما يترك الشعب موتى التاريخ  يدفنون بعضهم بعضا متحالفا مع نفسه دون سواها، موقدا شمعة تلو أخرى ليضئ ظلام الطريق سيشق سبيله بثبات نحو النصر ووقتها فقط  ستتوارى الأشباح السوداء التي تثير اليوم بنعيقها الرّعب و الخوف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق