الأربعاء، 30 يونيو 2021

في ندوة اليسار العربي ومسألة التنظيم

 عزيــــز محــب

   بدعوة من حزب الكادحين وشبكة المناضلين الجبهويين بتونس تم تنظيم ندوة سياسية وفكرية بمناسبة فاتح ماي حول موضوع : اليسار العربي ومسألة التنظيم. وقد كان لي شرف المشاركة في هذه الندوة إلى جانب بعض ابرز المفكرين الماركسيين العرب الذي يحملون اليوم هم تجديد المشروع اليساري في المنطقة، الدكتور هشام غصيب (الأردن) والدكتور غازي الصوراني (فلسطين) والدكتور فريد العليبي (تونس).

تعميما للفائدة وتعميقا للنقاش حول موضوع "اليسار ومسالة التنظيم" خاصة في هذه المرحلة "العصيبة" التي تمر منها تيارات وأحزاب اليسار بالمغرب، ارتأيت إعادة صياغة نص المداخلة التي ألقيتها في هذه الندوة.

الحلقة الأولىملاحظات حول مستجدات مسلسل الصراع الطبقي

لا يمكن للملاحظ والمتتبع لمسلسل الصراع الطبقي في مختلف مظاهره (المقاومة الوطنية والنضالات الاجتماعية والديمقراطية والاحتجاجات الشعبية...إلى غيره من المظاهر) القفز على معطيات جديدة تميز المرحلة الراهنة من تطور مسلسل الصراع الطبقي :

1- أزمة مصداقية الأحزاب بشكل عام ومن ضمنها أحزاب اليسار التقليدي والجديد على السواء، باختلاف تياراتهما السياسية ومرجعياتهما الإيديولوجية وتصوراتهما التنظيمية حول الحزب والمسالة التنظيمية بشكل عام.

2- تراجع دور وفعالية الأحزاب مقابل صعود حركات اجتماعية وشعبية مستقلة عن الأحزاب (أو منافسة لها) وحراكات شعبية سياسية في مختلف مناطق العالم وعلى قاعدة نفس القضايا التي كانت تؤطرها الأحزاب (العمل، التوزيع وإعادة التوزيع، الهيمنة والاضطهاد الاجتماعي،الديمقراطية والبيئة....).

3- ابتعاد أو تخلي أحزاب اليسار عن الهدف الإستراتيجي المتمثل في إسقاط سلطة الطبقات السائدة ومساعدة الطبقات الشعبية على إقامة سلطتها الشعبية. مقابل هذا التراجع الاستراتيجي، تمكنت حركات شعبية من إسقاط حكومات وأنظمة أو على الأقل تعديل ميزان القوى وفر شروطا سياسية ملائمة لصعود حكومات ورؤساء إلى السلطة (حالة أمريكا الجنوبية).

4- صعوبة التجدد والتكيف مع الواقع الجديد: الهامشية والنخبوية والتآكل التنظيمي والشيخوخة هو السمة المميزة لتنظيمات اليسار في المرحلة الراهنة.بالمقابل هناك ميولات عامة داخل المجتمع تبحث عن أدوات تنظيمية وأشكال جديدة للمشاركة السياسية مختلفة (وتارة متعارضة) مع الوظيفة التقليدية للحزب وبنيته التنظيمية وشكل اشتغالها .

يمكن تركيز هذا الواقع الجديد فيما يلي: تراجع الحزب على عدة مستويات (الوظيفة –الفعالية- العلاقة الجماهيرية –الإستراتيجية السياسية.....) وبروز الحركات الاجتماعية والحراكات الشعبية كفاعل سياسي جديد ينافس الحزب حول نفس الوظائف بفعالية أكبر، لكن بإستراتيجية سياسية اقل فعالية.

هل يتعلق الأمر بميولات ظرفية، ستختفي بمجرد استعادة الأحزاب لعافيتها، أم باتجاه عام لمسلسل الصراع الطبقي ؟

يكتسي الجواب على هذا السؤال ( ميولات ظرفية أم اتجاه عام وواقع جديد) أهمية إستراتيجية في المرحلة الراهنة على أكثر من مستوى بالنسبة لتيارات وأحزاب اليسار:

المستوى الأول له علاقة بالاختيارات التكتيكية :

هل سيتشكل الحزب اليساري الجماهيري المنشود (بغض النظر عن اسمه وشكله) كامتداد لتجربة تيارات وأحزاب اليسار"الموجودة فعليا" آو نتيجة "نقلة نوعية" في تجربة احد تيارات اليسار التاريخية (التيار القومي او التيار الماركسي بمختلف اتجاهاته) أم أن الحزب الجماهيري المنشود سينبثق من هذا الواقع الجديد الذي تشكل فيه الحركات الاجتماعية والحراكات السياسية الشعبية فاعلا رئيسيا؟

هل ستنشأ هذه الأداة السياسية الجماهيرية الضرورية (الحزب أو الأحزاب الثورية) نتيجة لمبادرات من داخل تنظيمات اليسار( تجميع،ائتلاف، تحالف، توحيد) أم ستنبثق من مبادرات من الحركات الاجتماعية والحراكات الشعبية؟ وبسؤال أخر، هل ستتطور تيارات وأحزاب اليسار إلى حركة ثورية قادرة على تحقيق هدف 'انتزاع السلطة" أم ان تحقيق هذا الهدف السياسي الاستراتيجي رهين بتطور الحركات الاجتماعية والشعبية إلى حركة سياسية مستقلة في حد ذاتها؟

المستوى الثاني له علاقة بالأفق الاستراتيجي:

تصطدم تيارات وأحزاب اليسار والحركات الاجتماعية الشعبية بشكل عام بتحديات إستراتيجية جديدة (العولمة الرأسمالية – الأزمة الايكولوجية – الامبريالية المسلحة....). وهي تحديات تطرح السؤال أيضا حول الأفق الاستراتيجي لمجابهة هذه التحديات. و حينما نستحضر الأفق الاستراتيجي (البرنامج) فان ذلك يحيل مباشرة إلى طبيعة الإطار السياسي (الحزب بمعناه السياسي وليس الإيديولوجي) الذي سيشكل الأداة الضرورية للتعبئة والتنظيم والتحالفات : الإطار الوطني؟ القومي؟ الجهوي ؟ أم ضمن إطار عابر للحدود والقوميات ؟

بمعنى آخر، هل نحن في حاجة إلى مشروع سياسي لعامة شعوب المنطقة العربية والمغاربية (عرب وكرد وامازيغ) أم نحن تحت ضغط الحاجة إلى الاندماج في مشاريع سياسية خاصة على صعيد كل تشكيلة اقتصادية واجتماعية في دول المنطقة ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق