فريد العليبي
يقول الرئيس إنّه تناقض بين النظام الذي اختاره الشعب غداة 25 جويلية والمنظومة التي عمرها عشرات السنين، المنظومة ذات علاقة عضوية بقوى دولية هيمنيّة خارجيا من جهة ومن جهة ثانية هي تعبير، داخليا، عن طبقات قديمة لا تزال محافظة على نفوذها الاقتصادي الكبير ومن هنا لها انعكاسها في السياسة والثقافة الخ...
هذا التحديد للتناقض صحيح تماما، وهو الذي أدركته الحركة الوطنية الثورية التونسية منذ سنوات طويلة وظلت تعمل على حلّه، وقيس سعيد هو ضمن هذا الخط بالذات ومن هنا تشخيصه المشار اليه وهو ما لفتنا الانتباه إليه في مناسبات مختلفة وقلنا ان التناقض الآن وصل إلى قصر قرطاج نفسه فقيس سعيد يمثل الاختراق الشعبي الكبير لمؤسسات المنظومة ولكن هذه تناور حينا من خلال المواجهة بطرق خفية وتواجه احيانا بشكل مكشوف وتعبث على رؤوس الملأ... قيس سعيد يعرف هذا أيضا مشيرا إلى غربته إزاءها، مصمما على مقاومتها، ووجوده على رأس السلطة الحالية بالصلاحيات التي يتمتع بها يمثل فرصة لا سابق للشعب بها لكي يتحرر من تلك المنظومة بروابطها الداخلية والخارجية على حد السواء..
ومجددا يطرح السؤال المعضلة ماذا ينتظر الرئيس لكي يستعمل الأدوات التنفيذية لإحداث التغيير الكبير المطلوب منذ سنوات ؟
إذا كانت موانع كبيرة تحول دون ذلك لماذا لا يشير اليها ويدخل الشعب نفسه المواجهة وهذا حدث مثله في بلدان كثيرة مرّت بمثل الحالة التونسية ؟ صحيح انه يغير بين الفينة والأخرى وزراء وولاة وسفراء ورؤساء مديرين عامين ولكنهم في غالب الحالات من المنظومة ذاتها...يكرّر الرئيس هذه الأيام ان هناك كفاءات من بين الشباب رغم افتقارها الى التجربة الا انها تتمتع بالوطنية وبإمكانها ان تحل محل كوادر المنظومة... وهذا إذا ما تحقق سيكون انعطافة كبيرة في سيرورة 25 جويلية المهددة بالانقطاع إذا لم تحث الخطى في هذا الطريق.
هذا التناقض تعمل قوى تونس القديمة على اخفائه واستبداله بتناقض آخر هو التناقض بين الاستبداد/الديكتاتورية والديمقراطية، بين الفاشية والحرية، بين الإسلام والعلمانية الخ.. مستغلة في ذلك الإعلام والثقافة والنقابة والجمعية وينبغي الاعتراف انها تحقق بعض النجاح من حيث خداع جزء من الشعب بالنظر إلى سيطرتها كما قلنا على الإعلام والثقافة خاصة .
من هنا أهمية العمل الفكري لشرح التناقض بين " التناقضين " من جهة كما أهمية الممارسة لحلّ التناقض الرئيسي من جهة ثانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق