الانتفاضة التونسيّة هي ملك للشّعب بكادحيه وكادحاته، فهو من فجرّها ومن صنع انتصاراتها ومن تألّم من انكساراتها وهو من قدّم الشّهداء والجرحى والمعتقلين من أجل تكريس سلطته وتحقيق حريّــة الـــوطن وتوزيع الثّروة على الكادحين (المنتجون الفعليون للثروة والمحرومون منها). ظلّ الشّعب متمسّكا بانتفاضته رغم المسار الانقلابي المدعو زيفا بالديمقراطي فقاوم اليمينيْن الدّيني واللّيبرالي رافضا المسرحيّة الرّجعيّة المدعومة امبرياليّا ففضح زيف الانتخابات وكشف تزوير التّاريخ بتحديد 14 جانفي عيدا ل"الثورة" التي تباهت الرّجعيّة الدينية، مخاتلة ومنافقة، بالمشاركة الفعّالة فيها بينما لم تعترف بها أجنحة من الرجعية اللّيبرالية فيما ادّعت أجنحة أخرى منها أنّ التجمّعيين هم من فجّروها وأنجزوها !!!
ولم تحقّق الرّجعيّة بصنفيها طيلة حكمها غير حرف المطالب الوطنية والاجتماعية للانتفاضة الشعبيّة والسّير على منوال سياسات بورقيبة وبن علي التي لم تنتج غير الأزمات.. رغم كلّ ذلك ظلّ الشعب صامدا لا يلين لأنّه يدرك أنّه منتصر ولو بعد حين.. وهو يدرك أنّ انتفاضته التي مرّت بمرحلة جزر لن تدوم ستلحقها مرحلة مدّ يسترجع فيها الشعب وقواه الحيّة والثّورية زمام القيادة ويفرض عبرها الحريّــة للــوطن والحكم للشّــعب والثّروة للكادحين والكادحات.
إنّ قضايا الوطن والشعب والكادحين لا دخل فيها لأيّ طرف من اليمين، سواءً كان دينيّا أو ليبراليّا. ذلك هو الدّرس الذي على كلّ ثوريّ ان يدركه وأن يتسلّح بأنّ التناقض بين الشعب من جهة والرّجعية والامبريالية من جهة أخرى لم يُحسم بعد وأنّ الصّراع والكفاح سيظلّ قائما وهو ما سيمكّنُ الشّعب المناضل إذا ما اتّحد على قاعدة تحقيق شعارات 17 ديسمبر من التحوّل إلى الطّرف الرّئيسي في هذا التناقض خصوصا في ظلّ توفّر عوامل مكيّفة لصالحه.