حلّ بيني غانتس، وزير دفاع الاحتلال الصّهيوني، ليلة الثلاثاء 23 نوفمبر 2021 بالرّباط، في زيارة غير مسبوقة لتعميق مسار التّطبيع الذي دشّنته الرّجعيّة المغربيّة رسميّا وعلنيّا منذ عام. وتهدف هذه الزّيارة، حسب تصريحات الصّهاينة، إلى "تعزيز التعاون الأمني بين البلدين".
وقد رافق ثلاثة ضباط بزيّهم العسكري وزير الدّفاع وكانوا ضمن الوفد الرّسمي، وهو ما يؤكّد أنّ المسألتين الامنيّة والعسكريّة كانتا في مقدّمة اهتمامات الطّرف الصّهيوني، بما أنّ الطّرف المغربي ليس له ما يقدّمه في هذا الإطار باستثناء مزيد فتح الأرض العربيّة لتكون مرتعا أمام الاستخبارات العسكرية والأمنيّة للعدوّ الصّهيوني.
خلال الزّيارة، أبرم وفد وزير "الحرب والعدوان" مع الرّجعيّة المغربيّة ما أُطلق عليه "مذكّرة تفاهم" بين البلدين في المجال الدّفاعي، وهي أوّل "اتفاقية من هذا النّوع يتمّ توقيعها من طرف الكيان المحتلّ مع نظام عربيّ. وفي هذا الإطار صرّح مسؤول في وزارة دفاع الكيان الصّهيوني بأنّ "الدولة العبرية تحتفظ بعلاقات أمنية وثيقة مع الأردن ومصر، لكن لم يتم إبرام أي مذكرات تفاهم دفاعية لها معهما، ما يجعل الاتفاقية المبرمة في المغرب اليوم "غير مسبوقة".
وقالت وزارة الدفاع الصهيونية انّ مذكرة التفاهم الجديدة "توفر إطارا صلبا يضفي الطابع الرسمي على العلاقات الدفاعية بين البلدين"، وهذا يعني أنّ هذه المذكّرة ليست الأولى بما أنّها "جديدة" وانّ مذكّرات سابقة حصلت بين الطّرفين وانّ العلاقات الدفاعيّة بينهما موجودة من قبل غير انّها لم تكن رسميّة. وهذا ما يؤكّد قدم علاقات العمالة بين الرّجعيّة الملكيّة في المغرب والكيان الصهيوني المحتلّ وأنّ ما يحدث الآن ليس إلاّ حلقة جديدة في مسار طويل من التّطبيع. وما زيارة وزير الدفاع والوفد المرافق له لضريح الملك محمد الخامس إلاّ عُربون وفاء له ولتاريخه الحافل بالعمالة والخيانة لقضايا الامّة العربيّة.
أمّا بخصوص تفاصيل ما حملته "مذكّرة التفاهم" هذه، فإنّ بعض التصريحات تشير إلى انّها شملت مجالات الاستخبارات والتعاون الصناعي والتدريب العسكري. ويُرجّح أنّه بمقتضى هذه الاتفاقيّة الرّسمية سيتمكّن العدوّ الصّهيوني من الحصول على تسهيلات لبيع أسلحته إلى المخزن المغربي، وهذا غير مستبعد في ظلّ سعي العدوّ إلى فتح أسواق جديدة لبضائعه ومنها الأسلحة، هذا من جهة، وفي ظلّ التوتّرات الحاصلة في المنطقة العربيّة وخصوصا بين المغرب والبوليساريو وبين المغرب والجزائر أيضا، من جهة أخرى، وبالتالي فإنّ الرّجعيّة المغربيّة وجدت في الكيان الصّهيوني خير سند لها في ظلّ التّصعيد السياسي الحاصل منذ مدّة في المنطقة وهي لن تنسى طبعا أنّها قد قبلت بركوب قطار التّطبيع الرّسمي مقابل اعتراف الإمبريالية الأمريكيّة لها بملكيّتها للصّحراء الغربيّة.
وزيادة على فتح سوقها أمام الأسلحة والصناعات العسكرية الصهيونية، فإنّ هذه الاتفاقية في هذا المجال توجّه من خلاله الرّجعية المغربيّة رسائل مباشرة إلى الجزائر، رسالة تهديد عسكري وسياسي وأيضا التّهديد بخطر الاختراق الأمني بفعل ما تمّ الاتفاق عليه بين الطّرفين بـ"التعاون الاستخباراتي".
بهذه الخطوة، يكون المخزن المغربي قد زاد في سرعة قطار التّطبيع بل قفز الى السّرعة القصوى متحدّيا إرادة الشعب العربي الرّافض للتطبيع والمعادي للكيان الصّهيوني والمقاوم للاحتلال وكذلك تحدّيا لمواقف كلّ من الجزائر وتونس اللّتين عبّر رئيس كلّ منهما عن رفضه لقطار التطبيع، وهو بذلك يقدّم خدمة ثمينة للعدوّ الصهيوني وللإمبريالية الأمريكية التي تسعى إلى إلحاق كلّ الانظمة بقطار التطبيع في إطار إعطاء جرعة أكسجين لمشروع "الشرق الأوسط الكبير".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق