الخميس، 10 مارس 2022

تونس: معارك أخرى فاشلة لمنظومة ما قبل 25 جويلية

 

   تحاول منظومة ما قبل 25 جويلية تنويع معاركها مستغلّة ما يحدث هنا وهناك وكلّ إمكانياتها وطاقاتها، غير انّها في كلّ مرّة لا تسجّل إلاّ أصفارًا في نتائج معاركها تلك، فلا القوى الخارجيّة التي عوّلت عليها تلك المنظومة استجابت لدعواتها المتكرّرة ولا أصدقاؤها الإقليميّون أصغوا لتضرّعها واستجدائها ولا نفع مالها ولا إعلامها..

   المعركة الأولى تمثّلت في محاولة الرّكوب على حادثة استقالة مديرة الدّيوان الرّئاسي لقيس سعيّد، نادية عكاشة، وتحويلها إلى دلالة على انشقاق حادّ في مؤسسة الرّئاسة بغاية التدليل على انّ قيس سعيد بقي وحيدا وبالتالي أصبح محاصرا وأصبحت أيّامه معدودة ولا دليل لهذه المنظومة غير ما خطّته نادية عكاشة في تدوينتها التي اعلنت فيها عن استقالتها والتي علّلت فيها سبب الاستقالة وهي "وجود اختلافات جوهريّة" تتعلّق بـ"مصلحة الوطن"، فقد تللقفت رموز هذه المنظومة تلك العبارات لتهلّل لنصرها القريب ولتحلّل الحادثة وفق رغبتها متجاهلة أنّ مثل هذه المسائل هي مسائل موضوعيّة تقع داخل المؤسسات السياسية بما فيها مؤسسات الدولة والاحزاب السياسيّة.. والغريب في الامر أنّ هذه الحادثة ليست الاولى التي تقع في مؤسسة رئاسة الدّولة في عهد سعيّد ام انّ ما حدث سابقا لم تكن له أهميّة لانّ هذه المنظومة كانت آنذاك ممسكة بالسلطة !

 إن أكثر درجات الغرابة في ما أتته رموز هذه المنظومة المهزومة والتي لا تثير سوى السّخرية والشفقة على أصحابها هو ما ذهب إليه عبد اللطيف المكي، أحد قيادات حركة النّهضة، من أنّ اتصال عكاشة بالغنوشي ورفض سعيّد لذلك هو السبب في استقالتها حيث كذّب مكتب الغنوشي شيخ النّهضة، ادّعاء المكّي وبالتالي تلقّت هذه المنظومة هذه المرّة قصفا من داخلها فخسرت المعركة التي حاولت افتعالها دون قتال.

   المعركة الثّانية، هو ما أتاه حزب الشابي (الاشتراكي ثم التقدمي والديمقراطي والجمهوري وقريبا...) الذي عبّر عن مساندته ودعمه لمجلس القضاء باعتباره يمثل "القضاء المستقلّ" حسب ما ورد في بيانه ليوم الأحد 23 جانفي كما يحيّي صموده.

   هذا الحزب يقدّم خدمات جليلة لأعداء القضاء المرتبط بدوائر الفساد وعصابات المصالح الطبقية والفئوية والحزبية والشخصيّة الضيقة والمعادية لمصالح الشّعب والوطن. وهو يقف في نفس صفّ الرّجعيّة تحت شعار "الدفاع عن الديمقراطية والحريات" حفاظا على تقاليده عبر تاريخه حيث كان حضنا دافئا دوما لمن يعتبرهم متضرّرين من الدكتاتوريّة مهما كانت ألوانهم السياسيّة وتعبيراتهم الطّبقيّة.

  ما أتاه الشابي وحزبه لا يرقى في حقيقة الأمر إلى مستوى المعركة، بل هو مجرّد أنّة من أنّات من يحتضر في واد سحيق.

   المعركة الثّالثة، هي تلك التي كان بطلها نائب مجمّد مازال يعتقد أنّ الإمبرياليّة الأمريكيّة التي يستنجد بها عبر توجيه الرّسائل إلى مؤسساتها "المدافعة عن الديمقراطية" ستصغي إليه وتسارع إلى إنقاذه. لكن هذا النّائب الذي تمّ تجميده وتعطيله سيضطرّ إلى الانتظار كثيرا من أجل تحقيق نصر لن يأتي لا من أمريكا الإمبرياليّة ولا من غيرها.

   سيظلّ ينتظر.. لأنّه شرب حليب العمالة منذ انخراطه في تجمّع بن علي ثمّ أكل شوكوطوم النّهضة لاحقا فقد حافظ على موقعه كمخبر يزوّد من يعتبرهم أصدقاءه في الولايات المتّحدة الأمريكيّة من داخل مجلس الشيوخ، المجلس الذي تحت سقفه يخطّطون لمزيد توسيع استعمارهم الجديد تحت شعار نشر الديمقراطيّة، تلك الديمقراطية التي يؤمن بها هذا المخبر الصّغير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق