الخميس، 14 يناير 2021

حكّام السّودان يطبّعون والحزب الشيوعي يدعو الجماهير إلى الانتفاض

 


  بعد حكّام الإمارات الذين اعلنوا رسميّا تطبيع العلاقات مع الكيان الصّهيوني المحتلّ للأرض العربيّة، ها هم حكّام السّودان الذين انقلبوا على البشير واستولوا على انتفاضة الشعب يلتحقون بقافلة المطبّعين تنفيذا لضغوط الامبرياليّة الأمريكيّة التي وعدتهم بشطب اسم السّودان من قائمة رعاة الإرهاب. وداخل المكوّنات الائتلافية الحاكمة في السودان اليوم تختلف المواقف أحيانا إلى حدّ التناقض، فبخصوص مسألة التّطبيع دعا الحزب الشيوعي الجماهير إلى الانتفاض احتجاجا على ما أقدم عليه حمدوك وزمرته العسكريّة في رفض واضح للتطبيع مع الاحتلال الصّهيوني. ونقدّم في هذا الصّدد نصّا لعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، الدكتور تاج السر عثمان.

التطبيع وأبعاد المخطط الأمريكي الصهيوني         بقلم : تاج السر عثمان

   جاء إعلان تطبيع الحكومة السودانية مع الكيان الصهيوني بطريقة مراوغة، وغير دستورية، ومذلة لشعب السودان  ومعها ابتزاز بدفع تعويضات عن جرائم الإرهاب التي ارتكبها نظام الإسلامويين، والتي ليس مسؤولا عنها شعب السودان بدفع مبلغ 335 مليون دولار، شعب السودان في أمس الحاجة لها في توفير ضروريات الحياة من وقود ودقيق وغاز ودواء..الخ، اضافة لخرق "الوثيقة الدستورية" وقانون 1958 الذي يمنع التعامل مع الكيان العنصري الصهيوني،

وأن مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس من مهام الحكومة الانتقالية، بل من مهام البرلمان المنتخب القادم، فضلا عن أن ذلك يمس ثوابت شعب السودان منذ مؤتمر القمة العربي في الخرطوم في أغسطس 1967 الذي خرج باللاءات الثلاثة: لا تفاوض ولا صلح ولا اعتراف بإسرائيل، كما أن إعلان التطبيع جاء تتويجا للقاءات السرية التي تمت بين النظام البائد والكيان الصهيوني في طريق التطبيع، فضلا عن التبعية المذلة لدولة الإمارات التي أعلنت التطبيع مع الكيان الصهيوني ودورها في دفع المكون العسكري وحكومة حمدوك في الاسراع بالتطبيع، ورهن البلاد للتبعية الأمريكية الصهيونية ومحور حرب اليمن.

  يتطلب اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني كشف وفضح كل بنوده لشعب السودان وتأكيد صحة ما رشح منها كما جاء في الصحف مثل : عودة طالبي اللجوء والعمل في اسرائيل للسودان، اقامة علاقات تجارية واقتصادية مع التركيز على الزراعة المتطورة لمصلحة الكيان الصهيوني والتي لا يستفيد منها شعب السودان، توطين فلسطينيين في شمال السودان بعد توفير أراضي زراعية ومياه لهم، السيطرة علي مياه النيل لخدمة المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وتكريس الوجود الأمريكي في القارة الأفريقية عبر السودان والذي فشلت فيه أمريكا نتيجة لمقاومة شعب السودان منذ الاستقلال وحتى اسقاط حكم البشير، فالتطبيع مع الكيان الصهيوني مخطط أمريكي صهيوني شامل لنهب موارد السودان الزراعية والمائية وثرواته المعدنية، وتعزيز الوجود العسكري والاستخباراتي في مناطق البحر الأحمر، ومصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية بتكريس النظام الديكتاتوري العسكري في السودان لحماية تلك المصالح مع مساعدة الليبراليين التابعين لمؤسسات الرأسمالية العالمية ومنظماتها والبنك وصندوق النقد الدوليين.

  لم يكن التطبيع غريبا، فانقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد قطع الطريق أمام ثورة ديسمبر، وأبقى على مصالح الرأسمالية الطفيلية، ووفر لها مخرجا آمنا من المحاسبة، ونجح بعد مجزرة فض الاعتصام  مع قوى "الهبوط الناعم" داخل "قوى الحرية والتغيير" في فرض وثيقة دستورية كرست السلطة في يد المكون العسكري، وأعادت إنتاج سياسات النظام البائد كما في:

-  الاستمرار في تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي ورفع الدعم وتخفيض الجنيه والخصخصة وسياسة التحرير الاقتصادي التي جعلت الحياة والمعيشة جحيما لا يطاق جراء الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة وتدهور الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، والبطء في المحاسبة واستعادة أموال الشعب المنهوبة، والابقاء على شركات الذهب والبترول والمحاصيل النقدية والماشية والاتصالات وشركات الجيش والأمن والدعم السريع خارج ولاية المالية.

- الابقاء على القوانين المقيدة للحريات والقمع الوحشي للمواكب والتجمعات السلمية، كما حدث في مجزرة فض الاعتصام، والمواكب السلمية في العاصمة والأقاليم وآخرها ما حدث في كسلا وقريضة بجنوب دارفور وموكب 21 أكتوبر، أدى لاستشهاد وجرحى، مما يستوجب تقديم كل الذين اطلقوا النار للمحاكمة كما في مطالب اعتصام أهالي الجريف شرق. اضافة لعدم إلغاء قانون النقابات 2010، واجازة قانون النقابات الذي يكفل ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، واصدار قرار سياسي بعودة المفصولين العسكريين والمدنيين وحل كل المليشيات وقيام جيش مهني قومي موحد، واصلاح النظام العدلي والقانوني.

- الاستمرار في سياسة الحلول الجزئية التي تعيد إنتاج الحرب كما في سلام جوبا الذي تم بعد اختطاف المكون العسكري لملف السلام من مجلس الوزراء وعدم تكوين مفوضية السلام، حتى التوقيع على وثيقة جوبا في غياب حركات عبد الواحد والحلو وجماهير المعسكرات ومكونات مناطق الحروب المدنية والسياسية، وابتداع المحاصصات والمسارات التي تعيد إنتاج الأزمة والحرب، وتمّ فصل الجنوب ولم تحل قضايا الجماهير في التنمية والتعليم والصحة وإعادة التعمير. الخ، كما حدث في عهد النظام البائد في اتفاقات :نيفاشا، ابوجا، الدوحة، والشرق .. الخ.

- ربط البلاد بالمحاور العسكرية والاستخباراتية الخارجية كما هو الحال في محور حرب اليمن، والافريكوم.. الخ، وما ينتج عن ذلك من تبعية وهوان وتفريط في السيادة الوطنية.

  ما حدث من محاولات لإجهاض الثورة وحرفها عن مسارها يتطلب أوسع تحالف جماهيري من أجل:

- مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني والدفاع عن السيادة الوطنية، ورفض الارتباط بالمحاور العسكرية، وحماية ثروات البلاد المعدنية والمائية وأراضيها الزراعية من النهب وافقار البلاد، وجعلها تابعة تستجدي المعونات.

- تحسين الأوضاع المعيشية ورفض رفع الدعم وشروط صندوق النقد الدولي التي دمرت البلاد واقتصادها منذ العام 1978، وتركيز الأسعار، وزيادة ميزانية التعليم والعلاج والدواء والتنمية، ودعم الانتاج الزراعي والصناعي، وتقوية الجنيه السوداني، وتوفير فرص العمل للشباب، واعادة كل الأموال المنهوبة، وشركات الذهب والبترول والأمن والجيش والدعم السريع والمحاصيل النقدية والاتصالات لولاية المالية.

- إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وإجازة القانون الديمقراطي للنقابات الذي يحقق ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية.

- تحقيق السلام العادل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق