تحتدّ الأزمة في تونس وتتوسّع لتجتاح جميع الميادين والقطاعات مع مرور الأيّام والأسابيع والأشهر، وفي مقابل ذلك تظلّ الرّجعيّة الحاكمة على مرّ السّنوات وتعاقبها عاجزة عن مواجهة هذه الأزمة. ولا يبدو الأمر مثيرا للاستغراب، فليس المجتمع وحده من يشكو من الأزمة الهيكليّة المتولّدة عن السياسات المتّبعة من قبل هذه الدّولة ومن تبعاتها، وإنّما هذه الدّولة في حدّ ذاتها تعاني من أزمة تنخر مختلف مؤسّساتها وأجهزتها، ولذلك فلا يمكن لمن تسبّب في الكارثة أن يجد حلاّ لها خصوصا إذا ما أصبح هذا النّظام يتخبّط في مستنقع من الصّراعات بين مختلف أجنحته.
فإذا ما التفتنا إلى المجتمع، اعترضنا مشهد قاتم يعمّ طبقاته الكادحة نظرا لتزايد نسبة الفقر والبطالة وانهيار القدرة الشرائيّة الناتجة عن سياسة الترفيع المتواصل في الأسعار ورفع الدّعم وانتشار الأمراض وتفشّي الوباء الذي أصبح يقتل في اليوم الواحد ما يزيد عن المائة ويصيب الآلاف وتعترضنا صور الكادحات وكادحين بمختلف الأعمار يفترشون الاسمنت والاسفلت في انتظار جرعة أكسيجين ويموتون أمام المشافي. ولا تتوقّف أسباب الموت عند الوباء الفتّاك وإنّما تتعدّاه إلى تفاقم ظاهرة الانتحار حرقا أو شنقا وإلى ركوب زوارق الموت وكلّ ذلك هربا من واقع البؤس ويأسا من مستقبل لا تبدو ملامحه أفضل من الحاضر القاتم. ونتتشر أيضا مظاهر الجريمة بمختلف أشكالها، وخصوصا القتل والاغتصاب والتي يمثّل الواقع الاجتماعي أحد أهمّ دوافعها. أمّا الطبقات الثريّة، فهي تزداد ثراءً عبر استغلال المنتجين وتنهب وتتحيّل وتبرم الصّفقات مستغلّة الفساد الذي يعمّ مختلف أجهزة الإدارة والدّولة.
أمّا إذا ما ألقينا النّظر إلى الدّولة، باعتبارها جهازا يمثّل الطبقات الاجتماعيّة الحاكمة، فلا تعترضنا سوى روائح الفساد المتفشّي في مختلف مؤسساتها والصّراعات المتواصلة بين أجنحة الرّجعيّة من أجل مزيد اضطهاد الشعب ورهن الوطن وثرواته لقوى الاستعمار العالمي والقوى الرجعية الإقليميّة عبر عقد الاتفاقيات وتشريع القوانين داخل مجلس لا شعبيّ.. وهي لا تتردّد في إطلاق جهازها القمعي ليقتل ويعرّي ويسحل الغاضبين. وحتّى إن تمكّنت الرجعية ذات يوم من تجاوز خلافاتها وتوحيد صفوفها فستبقى عاجزة عن مجابهة الكارثة التي حلّت بالبلاد.
إنّ حلّ أزمة المجتمع وأزمة الدّولة في تونس اليوم هو بأيدي الشعب وقواه الثّوريّة المدعوّة إلى توحيد كفاحها من أجل تونس جديدة، تونس الديمقراطيّة الشعبيّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق