افتتاحيّة العدد 66 من طريق الثورة
فالنموّ الاقتصادي لا يزال ضعيفا وبطيئا رغم تسجيل تقدّم في الأشهر الأخيرة، منذ الثلاثي الثاني من هذا العام ومن الصّعب ان يحقّق النموّ توقّعات البنك العالمي المقدّرة بنسبة 4% للعام 2021. وقد تفاقم عجز الميزان التّجاري ليتجاوز في شهر سبتمبر1439 مليون دينار مقابل 1275 م د خلال شهر أوت 2021، وتراجعت نسبة تغطية الواردات بالصادرات بـنسبة 1,9%، كما تشهد الأسعار وخصوصا أسعار المواد الغذائيّة صعودا صاروخيّا، كما تواصل الأزمة الماليّـة تفاقمها خصوصا مع التزام الدّولة بتسديد الدّيون ومع عدم القدرة على توفير موارد للميزانيّة ومع ضعف قيمة الدّينار.وتنعكس هذه الأزمة الاقتصادية والماليّة على الوضع الاجتماعي، حيث لا زالت نسبة البطالة عالية، في حدود 17% حسب الأرقام الرّسمية، وتشهد نسبة الفقر ارتفاعا وتتردّى المقدرة الشّرائيّة للشّرائح الاجتماعيّة الوسطى وتنتشر الجريمة والانتحار شنقا أو حرقا ويفرّ المعطّلون وحتّى الكوادر المهنيّة والعلميّة إلى الخارج هربا من هذا الواقع البائس.
هذه اللّوحة القاتمة للاقتصاد والمالية والاوضاع الاجتماعية، تقف وراءها السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام الحاكم في البلاد منذ عقود طويلة، وهي سياسات تقوم على منح الثّروة للأقليّة غير المنتجة وحرمان الكادحين الذين يشقوْن من أجل إنتاجها منها. وهذه السياسات اللاشعبيّة وفّرت لتلك الأقليّة المستكرشة مسالك أخرى للإثراء، إلى جانب النّهب الطّبقي المقنّن، وهي مسالك الفساد بمختلف أصنافه (المالي والإداري...) وفي مختلف القطاعات والميادين. ولم يقم حكاّم تونس منذ 2011 إلاّ بتوسعة هذه المسالك وفتحها أمام جمهور واسع من أتباعهم، وهذا ما شرعت الجماهير في اكتشافه بعد 25 جويلية.
------------------------------------------------------------------------------ولئن بدأ الكشف عن مظاهر الفساد والنّهب في بعض المواقع والقطاعات، فإنّ الأمر لا يختلف في باقي المواقع والقطاعات حيث تتركّز في الاقتصاد عصابات تتحكّم في الإنتاج وتوزيعه وتتركّز في الغدارة عصابات أخرى ونفش الشيء في باقي القطاعات، وتشكّل هذه العصابات أخطبوطا يُمسك بأصابعه خيوط المال والاقتصاد والإعلام والثقافة والسياسة والعلاقات مع القوى الخارجيّة وهو يحرّكها وفق مصالحه وعكس المصالح الوطنيّة والشّعبيّة بهدف محاصرة كلّ توجّه نحو تحرير الوطن والكادحين من قيود تلك السياسات والقضاء عليه. لذلك، ليس أمام الوطنيين والثّوريين سوى الوقوف في صفّ الدّفاع عن الوطن ضدّ الهجوم الرّجعي الإمبريالي وافتكاك الثّروة من المستكرشين ومحاسبتهم وتوزيعها على مستحقّيها وذلك بالالتقاء حول برنامج سياسي يضع في صدارة أولويّاته مسألة التحرّر الوطني وبناء ديمقراطيّة جديدة، ديمقراطية شعبيّة قوامها إصلاح زراعيّ جذري، ديمقراطية تقطع مع الديمقراطية الرّجعيّة، ديمقراطية النّهب والفساد والعمالة والاضطهاد.
طريق الثورة، سبتمبر-اكتوبر 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق