افتتاحيّة العدد 67 من طريق الثّورةتحلّ بيننا هذا العام الذّكرى الحادية عشرة لانتفاضة 17 ديسمبر في ظلّ متغيّرات سياسيّة على السّاحة التّونسيّة لا يمكن لأحد إنكارها. وترتبط هذه المتغيّرات على السّاحة السّياسيّة بما حصل ومازال يحصل منذ يوم 25 جويلية 2021، وهو اليوم الذي وجّه فيه الشّعب ضربة قاصمة للرّجعيّة الدّينيّة الحاكمة ولحلفائها الذين غنموا من حكمها إمّا الكثير او القليل طيلة عشريّة كاملة. فقد عبّرت الهبّة الشعبيّة والقرارات الرّئاسيّة التي لحقتها في ذلك اليوم عن تطلّع الطّبقات المحرومة إلى تغيير الوضع القائم يبدأ بإسقاط المنظومة التي أنجبها رغما عن الشّعب متآمرو 14 جانفي من الدّاخل والخارج على انتفاضة 17 ديسمبر ومطالبها الوطنية والاجتماعيّة.
وقد خلقت هذه الضّربة مشهدا سياسيّا أخذت ملامحه تتوضّح تدريجيّا من خلال الاصطفاف في خندق السيادة الوطنية وتوزيع الثّروة على المنتجين ومحاربة المنقلبين على انتفاضة الشعب من جهة أو الاصطفاف في خندق الرّجعيّة بشكل مكشوف أو مقنّع والاختفاء وراء شعارات مقاومة الانقلاب والشعبويّة والدّفاع عن الديمقراطية والحريّات وحقوق الإنسان من الجهة الثانية والمقابلة. ولئن سارع المصطفّون في الخندق الثاني إلى تجميع أغلب الأطياف الرّجعيّة والانتهازيّة وتشكيل ائتلافات وجبهات سياسيّة وإلى اتّباع أشكال مختلفة من التحرّك دفاعا عن مصالحها المهدّدة مستغلّة علاقاتها الخارجيّة المتينة مع قوى رجعيّة عالمية وإقليميّة ذهبت حدّ طلب التدخّل في الشؤون الوطنية ومستغلّة تغلغلها العميق في مختلف أجهزة الدّولة ومفاصلها ومعتمدة على وسائل الإعلام والدّعاية المأجورة، وبالمقابل، ظلّ المصطفّون في الخندق الأوّل، خندق السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية، مشتّتي القوى ومختلفي البرامج والخطط بالرّغم من ظهور بعض محاولات التّجميع لكنّها تبقى غير كافية في الوقت الذي ترصّ فيه الجبهة المعادية صفوفها وتجمّع قوّاها للانتقال من حالة الدّفاع إلى حالة الهجوم. وقد يعود هذا التشتّت السياسي إلى قصور نظريّ لدى بعض الأطراف التي مازالت إمّا خجولة وإمّا متردّدة في الإفصاح عن موقفها المساند لقرارات 25 جويلية وما بعدها بدعوى أنّ قيس سعيّد هو جزء من نفس المنظومة وهو مشروع دكتاتور وغير ذلك من التبريرات، وهي تحاول عن قصد حجب تلك الضّربة التي وجّهها إلى نفس تلك المنظومة وأهدافها المعلنة والتي أفصح عنها وحقّق بعضها من ذلك إلغاء 14 جانفي وتعويضه بـ17 ديسمبر ودحضه لديمقراطيّتهم الزّائفة ومحاسبة عصابات الفساد بمختلف أصنافه (السياسي، المالي، الإداري..) ودفاعه عن السيادة الوطنيّة رغم ما يمثّله ذلك من خطر على مشروعه.. إنّ التردّد والاستكانة في ظلّ هذا التناقض الحادّ بين خندق السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية وبين خندق الرّجعيّة وحلفائها لا يخدم مطالب الشعب التي ضحّى من أجلها طيلة عقود طويلة لأنّ تلك المطالب لا تتحقّق دون وحدة الشّعب ووحدة الشّعب لا تتحقّق دون وحدة ثورييه وقواه الحيّة. فيا أيّها الثّوريّون ويا أيّها الوطنيّون اِتّحدوا من أجل الوطن والشّعب !
الأحد، 23 يناير 2022
مــا العمــــل ؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق