الجمعة، 18 مارس 2022

افتتاحيّة العدد 68 من طريق الثّورة

 مــــا العمــــــــــل ؟

   أشعلت روسيا يوم 24 فيفري 2022 نيران الحرب في أوكرانيا، وقد أطلقت عليها اسم "العمليّة العسكريّة الخاصّة" بينما أطلقت عليها الدّول الغربيّة وحلفاؤها اسم "الغزو الرّوسي لأوكرانيا". وقد أثار الهجوم الرّوسي حربا سياسيّة واقتصاديّة وماليّة وإعلاميّة، ويقود هذه الحرب أمريكا والاتّحاد الأوروبّي والتحقت بها دول من مختلف بقاع العالم، وهي حرب لا تقلّ انعكاساتها العاجلة والآجلة خطورة عن انعكاسات الهجوم العسكري. ولم يكتف المشاركون في هذه الحرب على هذه الجوانب، بل إنّ "عقوباتهم" تجاوزتها إلى ميادين الرّياضة والثّقافة وغيرها. وفي مقابل ذلك يدعم هؤلاء "الحلفاء" أوكرانيا بالعتاد الحربي "الدّفاعي" و"الفتّاك" حتّى حوّلوها إلى أكبر برميل بارود وبالخبراء العسكريين، إضافة إلى ضخّ الأموال الطّائلة و"المساعدات الإنسانيّة"، زيادة عن حشد الجيوش على تخومها وفتح الباب أمام المرتزقة للقتال فيها تحت عنوان فيالق المتطوّعين.

   إنّ الهجوم الرّوسي على أوكرانيا، لا يُمكن أن يُقارن بالحروب الإمبرياليّة لا العالميّة ولا الحروب الأخرى التي شهدها العالم منذ نهاية القرن الماضي ومنها الحروب الأمريكيّة والأطلسيّة على العراق وأفغانستان ويوغسلافيا... لمّا أصبحت تلك القوى تقود بمفردها العالم وتتحكّم في مصيره وقد عانت الشعوب والأمم ومازالت من الاضطهاد الذي فرضته عليها تلك القوى. إنّ الحروب لا تخضع لنفس القاعدة حول أسبابها وطبيعتها وأهدافها وانعكاساتها كما لا تتحكّم فيها نفس الصّراعات والتناقضات والخلفيّات والظّروف التّاريخيّة والعلاقات السّياسيّة.

  إنّ من يعتقد أنّ الحرب في أوكرانيا ستهدي السّلطة إلى الطّبقة العاملة أو ستحقّق استقلالا فعليّا للمستعمرات وأشباهها هو واهم، لكنّ الحرب الحاليّة تكشف لشعوب العالم عددا من الحقائق أهمّها ازدواجيّة المعايير التي يتعامل بها الغرب الإمبريالي، فحروبه مشروعة حتّى وإن خرقت "القانون الدّولي" وحروب غيره غير مشروعة، وحروبه لا يتلقّى جرّاءها أيّ عقوبات أمّا روسيا فيجب أن تُحاصر وتتّخذ ضدّها أكثر من 5500 عقوبة في ظرف أيّام معدودة. وبالتّالي، فإنّ ما تقوم به روسيا اليوم هو فتح الطّريق أمام صعود قطب عالميّ آخر قادر على مواجهة القطب الأوحد الموجود، وهذا مهمّ بالنسبة لشعوب العالم وأممه المضطهَدة ومنها الأمّة العربيّة التي تعاني من الاستعمار الجديد ومن الاحتلال الصّهيوني، حيث أنّ التناقض الرّئيسي اليوم يقوم بين هذه الشعوب والأمم وتلك القوى الإمبرياليّة، فالثنائية القطبيّة العالميّة ستمثّل عاملا موضوعيّا مكيّفا تستفيد منها الطّبقات والشعوب والأمم المكافحة من أجل تحرّرها ومن أجل القضاء على الإمبرياليّة مهما كانت طبيعتها وإرساء الاشتراكيّة على أنقاضها.

 -----------------

 طريق الثورة، جانفي-فيفري 2022

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق