منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي ردّد الفنّان شيخ إمام عيسى أغنية "ناح الحمام" التي كتبها الشاعر احمد فؤاد نجم. ويقول مطلع الأغنية:"ناح الحمام في الدوح دمع البنفسج سال
والورد مال مجروح من شكة الموال
قال الحمام .. ياليل ويا عيني ع اللي إنقال
مين يشتري الفيروز؟ غزه .. مع الدلال"
ويؤدّي الشيخ إمام هذا المطلع بلحن حزين يعبّر عن الوضع الذي آلت إليه غزة حيث أصبحت معروضة للبيع في سوق النخاسة، وهذا ما تعبّر عنه العبارات الواردة في هذا الجزء من الأغنية:
"من فين يا شابه النسب وبنت مين في الناس ؟
ومين في ناسك حسب وعطاكي.. للنخاس!
بحرين عيونك أسى ساقيين .. قلوب الناس
من فين يا شابه النسب وبنت مين في الناس !؟"
هذه الأبيات التي مضى على تأليفها عدّة عقود من الزّمن لا تزال صالحة اليوم ومن يقرأها من شباب اليوم يُخيّل إليه أنّها كتبت بمناسبة تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب الذي يردّد منذ أيّام بانّه "سيشتري غزّة" ويحوّلها إلى "مشروع عقاري" ويجبر سكّانها على مغادرتها إلى أقطار عربيّة أخرى.
ترامب، هذا الوحش الفاشي الذي استهلّ حكمه بهجوم متعدّد الجبهات، ومن بينها الجبهة العربيّة، لا يعرف هذه الأغنية التي حفظتها الجماهير الشعبيّة العربيّة رغم المضايقات التي كانت مفروضة من قبل الأنظمة العربية على الأغنية الملتزمة والثوريّة وظلّت تردّدها لعقود من الزّمن ليس لأنها تحكي آلام غزّة وتكالب الامبريالية والصهيونية عليها مقابل الصّمت العربي الرّسمي منذ هزيمة 1967 وإنّما لانّ حجم وقيمة الرّفض الذي تنطق به هذه الأغنية أعلى من الجبال الشّاهقة، وهذا ما لا يدركه ترامب الذي يفاخر بقراره شراء غزة وتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم.
إنّ ترامب المنتشي بانتصاره الانتخابي يعتقد انّه سيحقق انتصارات على الشعوب والأمم بكلّ بساطة وبكلّ يُسر. سيصاب هذا الوحش الفاشي بحالة من اليأس والاكتآب إذا ما واصل الاستماع إلى بقية كلمات الاغنية وادرك مضمون بقيّة الأبيات لانّه سيتأكّد أن غزة ليست للبيْع وانّه من المستحيل ان يشتريها لانّها أقسمت ان لا تسير خلف الأنذال بما أنّها "في قلب العرب" خصوصا وأنّ لحن الرّفض وعباراته تأخذ فجأة منحى تصاعديّا في أداء الشيخ للأغنية:
"البنت من بدعها ضحكت ومن قلبها عشقت
ومن وجدها سمع الوجود زلزال
لايا عديم التنا لا أنت ولا البايعين
سوق النخاسة جبر والأهل بالملايين
أبويا باني الحرم وامي من القدسين
ومصر فيها الهوى
والعزوة في الشرقين
حلفت بالمرحمه والدم والملحمة
والفارس اللي حمى
ما امشي ورا الأندال
ما امشي ورا الأندال".
على ترامب أن يعلم أنّ غزّة وغيرها من الأرض العربية في فلسطين المحتلّة ليست معروضة للبيع وأنّها ستظلّ تسير في طريق المقاومة والكفاح الوطني حتّى تدحر محتلّيها طال الزّمان أو قصر.
لمن يريد الاستماع إلى الأغنية أن يفتح الفيديو في الرّابط التّالي: https://www.facebook.com/farouk.sayahi/videos/947724824132051
الجمعة، 28 فبراير 2025
ترامب يجهل "غزّة في قلب العرب" !
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق