بيان صادر عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني.عقد المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني اجتماعاً ناقش فيه آخر المستجدات السياسية في ضوء اجتماعات الحكومة، والتي اقرت فيها حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تنفيذية في مهلة زمنية تنتهي أواخر هذا العام، على ان يجري بحثها وإقرارها في الحكومة اواخر شهر آب الحالي، كما اقرت أهداف ورقة برّاك في اجتماعها الثاني.وبنتيجة النقاش أصدر البيان التالي:تضافرت النتائج المترتبة عن العـدوان الصهـيوني الأخير على لبنان ومندرجات اتفاق وقف الأعمال العـدائية في 27 تشرين الثاني (الذي جرى تصويره في حينه كانتصار للبنان)، ومن ثمّ سلّة الضغوط والأوراق الأميركية وما تلاها من قرارات مجلس الوزراء الأخيرة، لتصبّ في عملية إخضاع البلد لمرحلة سياسية جديدة قد يواجه فيها أشدّ المخاطر والأزمات في تاريخه الحديث. وتتزامن هذه التطورات مع تقدّم غير مسبوق للمشروع الأميركي – الصهـيوني، وسط تغييرات جذرية في موازين القوى الإقليمية والداخلية تغري هذا التحالف للمضيّ قدما في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد المعدّ للمنطقة.لقد جاء قرار حصرية السـلاح بيد الدولة تحت ضغط أميركي وخارج أي خطة من الجانب اللبناني تضمن أولوية وقف العـدوان وانسحاب قوات الاحتـلال الصهـيوني حتى خط الهدنة، وتحرير الأسرى اللبنانيين وإعادة إعمار المناطق المتضرّرة (الذي يمكن تمويله من موارد داخلية دون الحاجة إلى ربطه بالمساعدات الدولية) وعودة الأهالي وتسـليح الجيش اللبناني من ضمن خطة وطنية للدفاع عن لبنان وشعبه وأرضه. إن القوانين الدولية تكرّس الحقّ بالمقـاومة طالما هناك احتـلال، لذلك، فأنّ قرار حصرية السـلاح بيد الدولة يجب ان يتلازم بالضرورة مع مقـاومة هذه الدولة للاحتـلال بكل الوسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. وهو الأمر الذي لطالما افتقدته الدولة اللبنانية تاريخياً بسبب تركيبتها الطائفية وتبعيتها للخارج الامبريالي، اللتين حالتا دون تمكينها من تسليح جيشها.كما يرى الحزب في إمتناع الأطراف الخارجية وخصوصا الطرف الأميركي عن توفير ضمانات للبنان بإنسحاب اسرائيل من كامل أراضيه المحتلة، مناسبة مفصلية لتطوير حوارات وتفاهمات لبنانية- لبنانية تشمل ليس فقط الاتفاق الملموس حول حصرية إمتلاك الدولة للسـلاح ومندرجاته التفصيلية، بل تشمل أيضا ملفات الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ووضع خارطة طريق لتطبيق البنود التي وصفت بالايجابية من اتفاق الطائف، والمتعلقة بالشروع في الغاء الطائفية السياسية وإقرار القوانين الانتخابية خارج القيد الطائفي وتطبيق قانون اللامركزية الادارية والقانون المدني للأحوال الشخصية. فمثل هذه التفاهمات تشكّل في هذه الظروف الدولية والاقليمية غير المستقرّة والمفتوحة على أشدّ المخاطر والمفاجآت، أكبر ضمانة للبنان في تعزيز قدراته التفاوضية في مواجهة الخارج.واستطرادا، يرفض الحزب الشيوعي أن يكون الدفاع عن حق الشعب اللبناني بمقـاومة الاحتـلال محكوما بهويّة طائفية أو بميثاقية طائفية، أيّا كانت هوية هذه الميثاقية. وهو يؤكّد مجدّداً أن الدولة الطائفية والتشكيلات السياسية الطائفية المتكوّنة منها، لم تحمي لبنان تاريخيا بل جلبت له شتّى أنواع التدخلات الإقليمية والدولية من مختلف المحاور. فلبنان كلّه مهدّد اليوم بمصيره ووجوده، وليس فقط هذه الطائفة أو تلك، فكفى تمسكاً بالنظام الطائفي واستدراجاً ل"الحمايات الخارجية" وخضوعا لإملاءاتها ومشاريعها. بل هي بالعكس أضعفت البلد وأبقته أسير الانقسامات والصراعات الطائفية التي أفشلت كل محاولات اخراجه من أزماته المتلاحقة.وفي هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ لبنان، يؤكد الحزب الشيوعي اللبناني، حزب المقـاومة الوطنية اللبنانية، على ثوابته التاريخية. فاللبنانيون يواجهون اليوم كيانا صهـيونيا توسعيا يعتدي عليهم يوميا قتلاً وتدميراً واغتيالاً، وهو يحتل أراض لبنانية ويمنع عودة الأهالي وإعادة اعمار بلداتهم ويدفع بخيار التقسيم ورسم خرائط جديدة كمقدمة لفرض أشكال شتّى من التطبيع عبر الاحتـلال والضم والالحاق وخلق الفتن الطائفية والمذهبية وارتكاب أبشع المجازر، على غرار المجازر المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وسوريا وشعوب أخرى في المنطقة، وذلك بتغطية أميركية مفضوحة أو بدعم أميركي مباشر تنفيذا لمشروع الشرق الأوسط الجديد.من هنا لا خيار امام شعوب المنطقة وشعبنا اللبناني تحديدا الا ممارسة مقـاومة وطنية وشعبية بكل الوسائل الملائمة على أساس مشروع سياسي للتحرر الوطني والاجتماعي، مهمته ليس تحرير الأرض من الاحتـلال فقط، بل أيضا تحرير اللبنانيين من النظام الطائفي، نظام الاستغلال الطبقي والفساد والافقار والخضوع التبعي للرهانات والإملاءات الخارجية.وتكون هذه المقـاومة الوطنية نابعة من قرار وطني ذاتي، وغير مرتبط بمصالح وقرارات أنظمة خارجية، بحيث تلتف حولها الأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني، ولا تقتصر على طائفة او منطقة معينة من لبنان، بل تكون عابرةً للمناطق والطوائف والمذاهب وموحدة للجهود والطاقات باتجاه بناء دولة المواطنة والديمقراطية، دولة العدالة الاجتماعية.انها المبادرة السياسية التي طالما طرحناها للنقاش ونعيد التأكيد عليها اليوم. ففي نقاشها وتعديلها والتوافق على اقرارها من مختلف القوى والشخصيات السياسية والنيابية والنقابية والاجتماعية، خطوة أولى في مسار تنظيم المعركة لإنقاذ لبنان من خطر الوقوع تحت الوصايات الاقليمية والأجنبية، على أنواعها.وعلى هذا الأساس يدعو الحزب إلى ضرورة البدء بحوار وطني للوصول إلى حل داخلي متفق عليه لموضوع الخطة العملية للدفاع عن لبنان وأرضه وشعبه بعيداً عن الضغوط الأميركية، ودون تسرّع كما حصل في القرارات الحكومية، وعدم ربط موضوع السـلاح بحقوق أية طائفة أو بالميثاقية.كما يشدد الحزب على أهمية الحفاظ على السلم الأهلي، الذي هو فوق كل اعتبار، خاصة في ظل أجواء التوترات المذهبية ومخاطر انتقالها الى الشارع وتهديد الاستقرار ، الأمر الذي يدعونا للمبادرة على مختلف الصعد، لمنع اي اقتتال أهلي داخلي، وللتأكيد على معالجة الأمور وحل الخلافات السياسية عن طريق الحوار، حفاظاً على لبنان ومستقبله وتقدمّه السياسي والاقتصادي.
الثلاثاء، 12 أغسطس 2025
لبنان: ضدّ تسليم سلاح المقاومة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق