تحاول منظومة ما قبل 25 جويلية تنويع معاركها مستغلّة ما يحدث هنا وهناك وكلّ إمكانياتها وطاقاتها، غير انّها في كلّ مرّة لا تسجّل إلاّ أصفارًا في نتائج معاركها تلك، فلا القوى الخارجيّة التي عوّلت عليها تلك المنظومة استجابت لدعواتها المتكرّرة ولا أصدقاؤها الإقليميّون أصغوا لتضرّعها واستجدائها ولا نفع مالها ولا إعلامها..
آخر هذه المعارك كانت محاولة الرّكوب على حادثة استقالة مديرة الدّيوان الرّئاسي لقيس سعيّد، نادية عكاشة، وتحويلها إلى دلالة على انشقاق حادّ في مؤسسة الرّئاسة بغاية التدليل على انّ قيس سعيد بقي وحيدا وبالتالي أصبح محاصرا وأصبحت أيّامه معدودة ولا دليل لهذه المنظومة غير ما خطّته نادية عكاشة في تدوينتها التي اعلنت فيها عن استقالتها والتي علّلت فيها سبب الاستقالة وهي "وجود اختلافات جوهريّة" تتعلّق بـ"مصلحة الوطن"، فقد تلقّفت رموز هذه المنظومة تلك العبارات لتهلّل لنصرها القريب ولتحلّل الحادثة وفق رغبتها متجاهلة أنّ مثل هذه المسائل هي مسائل موضوعيّة تقع داخل المؤسسات السياسية بما فيها مؤسسات الدولة والاحزاب السياسيّة.. والغريب في الامر أنّ هذه الحادثة ليست الاولى التي تقع في مؤسسة رئاسة الدّولة في عهد سعيّد ام انّ ما حدث سابقا لم تكن له أهميّة لانّ هذه المنظومة كانت آنذاك ممسكة بالسلطة !
أكثر درجات الغرابة في ما أتته رموز هذه المنظومة المهزومة والتي لا تثير سوى السّخرية والشفقة على أصحابها هو ما ذهب اليه عبد اللطيف المكي من انّ اتصال عكاشة بالغنوشي ورفض سعيّد لذلك هو السبب في استقالتها حيث كذّب مكتب الغنوشي ادّعاء المكّي وبالتالي تلقّت هذه المنظومة هذه المرّة قصفا من داخلها فخسرت المعركة التي حاولت افتعالها دون قتال.